ماذا أعددنا للشرق الأوسط الأخضر
يحقُّ لي، وأنا الحالم الدائم، أن أتفاءل بقمة الشرق الأوسط الأخضر، التي عقدت أول أمس في الرياض، وأن أتخيل هذه المنطقة المبتلاة بالحروب والكروب، والمشاكل وأدخنة البترول، أتخيلها جنة غناء وارفة، يسير الراكب من عمان إلى عجمان في ظل ظليل، حين يتحقق جزء يسير من الأفكار الكبيرة التي طرحتها القمة.
لم يعد الاهتمام بالمناخ وتغيراته ترفاً نستمتع بلقاءات مؤتمراته ونشاطاتها العابرة للمواسم، والتي تبقى طي ذاكرة الحواسيب المهملة. بل بات هذا الموضوع صلب اهتمامات الدول الاستشرافية الرائدة، التي تفكر في حياة أفضل، وإنتاج يكفي مواطنيها، ويحسّن من جودة حياتهم.
للأسف، كوكب الأرض بات مريضاً سقيماً بالكربون، ومصابا بتلوث قميء يتفاقم سنة إثر سنة جراء ثورات بني الإنسان الصناعية وأدخنته وحرائقه وانتهاكه لغطائها الأخضر بكل نهم وعدم مبالاة.
أمنا الأرض تفاعلت مع هذا المرض وأعلنت منذ زمن عن وجعها على شكل حرارة ترتفع بشكل لافت عبر عدة عقود، وكفيضانات واضطرابات مناخية، وانصهار لجبال جليد، وتهديد بغمر مدن العالم الساحلية وتشريد أهلها.
لم أكن يوما مع الصرخة الانهزامية التي أطلقها واحد من المتعبين: أرجوكم أوقفوا الأرض، أريد أن أنزل. لست معه أبداً؛ لأنني أؤمن أن الأرض بيتنا الأوحد وليست حافلة عابرة نطرق شباكها، إذا ما أردنا النزول، في أي وقت نشاء.
ولهذا محكوم علي أن أستبشر خيرا بقمة الرياض، سيما حين تم الافصاخ عن تأسيس صندوق للاستثمار في حلول تقنيات «الاقتصاد الدائري للكربون» في المنطقة أو ما يسمى «الحياد الكربوني»، بمعنى أن كل الكربون الناجم عن حرق الوقود سيتم امتصاصه قبل أن يصل إلى الغلاف الجوي، ويسبب رفعا جديدا لدرجة حرارة الأرض ويفاقم مشاكلها.
وطبعا تعلمون، أن أفضل الطرق للوصول إلى هذا الحياد، هي الأشجار التي تتنفس ثاني أكسيد الكربون، وتطرح الأكسجين. وكم فرح قلبي بالإعلان عن التخطيط لزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، في ظرف 40 عاما. وهذا مثير للخيال والأمنيات الطيبة.
لكن وفي ظل غياب أية معلومات عن خططنا وتطلعاتنا أو كيفية تفاعلنا مع دول المنطقة بهذا الخصوص؛ سنتساءل عن ماذا سيكون دورنا في هذا المشروع الإنساني الضخم؟، كم سنزرع من شجر؟ وأين سنزرعه؟. والمهم كيف سنحافظ على ما زرعناه من بطش أشرارنا؟.
البعض يقول إننا غائبون تماماً عن المشهد، ولا نريد أن نزرع، ولكن المهم أن نحافظ فقط على ما تبقى لنا من أشجار تتعرض كل يوم للابادة في غابات صغيرة، لا تتجاوز نسبتها النصف بالمئة من مساحة بلدنا الصحراوي.
الدستور