سجّاد ملكي
الأمر الملكي السامي بفرش المسجد الأقصى بأفضل المواصفات العالمية من سجاد مقاوم للحريق، أمر تشكلت لغايات تنفيذه لجنة من وزارة الأوقاف والديوان الملكي الهاشمي، يشكل رسالة واضحة لحرص عميد الأسرة الهاشمية على حرمة المسجد الأقصى وقداسته، وهو في نفس الوقت الذي يؤكد الحرص على عدم المساس بسلامة المسجد، إلا أنه أيضاً يحمل في طياته عدة رسائل إلى أطراف مختلفة، من أن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف خط أحمر لا يقبل الأردن تجاوزه أو تغيير لونه.
ويعتزم الأردن الآن تعيين خمسين موظفاً في القدس، وإقرار علاوة للعاملين في وزارة الأوقاف، وإرسال فرق ميدانية من الأردن للقدس الشريف كل أسبوعين بشكل منتظم، فيما سيتم فرش المسجد على نفقة جلالة الملك الخاصة، وتلك وصاية تاريخية سامية اضطلع بها الملوك الهاشميين، وباركها كل شعب فلسطين، وتمسك بها، وقدّرها، وما زال يثمنها، لما تشكله من التزام ديني وحضاري وإنساني وأخلاقي، ومن موقف ثابت على أن القدس الشرقية أرض محتلة، السيادة فيها للفلسطينيين، والوصاية على مقدساتها المسيحية والإسلامية، يتولاها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، على أن مسؤولية حماية المدينة، هي مسؤولية المجتمع الدولي برمته.
الموقف الأردني تجاه القدس ثابت لا يتزحزح. لا يقبل تبادل المصالح بالمباديء، ويعد كل الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في القدس الشرقية، من بناء للمستوطنات، أو مصادرة للأراضي، أو تهجير، أو تغيير طابع، ما هي إلا مخالفات للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، واتفاقية لاهاي لعام 1954، وأن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لمبدأ حل الدولتين الذي لا يرى الأردن سبيلاً لسلام دونه.
تواصلت البيعة من أهل فلسطين منذ عهد الشريف الحسين بن علي عام 1924، والملك عبد الله الأول الذي شهد المسجد في عهده «الإعمار الهاشمي الأول»، إلى أن شكل الراحل الحسين طيب الله ثراه عام 1954 لجنة إعمار المسجد الأقصى بعد أن أمر بترميم القبة المشرفة، وليشهد المسجد المبارك عام 1956 «الإعمار الهاشمي الثاني» الذي تواصل حتى عام 1964، متضمناً تجديد عمارة القبة، والمسجد القبلي، وتركيب قبة ذهبية ورخام للجدران، وترميم البلاط القيشاني الخارجي وزخرفته بآيات من سورتي «يس» و»الإسراء».
وجاء «الإعمار الهاشمي الثالث» في عهد الحسين الراحل إثر تعرض المسجد الأقصى لحريق متعمد عام 1969، واستمرت عمليات الإعمار حتى عام 1994 بتكلفة 19 مليون دينار، تم فيها تكسية قبة المسجد الخارجية بمادة الرصاص كما كانت عليه قبل عام 1964، كما تم ترميم جامع عمر، ومحراب زكريا، ومقام الأربعين، وقبة السلسلة، وسبيل قايتباي، وضريح الشريف الحسين بن علي، والرواق الغربي، وغير ذلك عديد.
وفي عام 1993 أمر الحسين بإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي، وهو عمل اجتمع عليه من برع في فن الهندسة والعمارة من أجل إجادة صنعه، ليعود على الصورة التي كان عليها، وتحقق الحلم في عهد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، لتجد الرعاية الهاشمية في عهد جلالته صفة الثبات على الإعمار والموقف، سيراً على نهج الآباء والأجداد، ومقولة الملك المؤسس عبد الله الأول في حديثه عن آل البيت «الذين إذا شاهدوا ثلمة في حائط البناء الإسلامي، دعوا إلى رتق الفتق، وتشييد البناء»، وتستمر المسيرة من قبة يكسوها الرصاص، إلى سجاد مقاوم للحريق. حفظ الله الملك، وحفظ الأردن، وحفظ فلسطين.
الدستور