حجاب
كان الحديث عن حجاب الفتيات المسلمات في فرنسا مع شخصية علمية فرنسية بارزة.
قلت لن أحدثك عن الدين أو الفضيلة، حيث تختلف الموازين عندك وعندي. ولكن أتحدث من الناحية العملية.
أنتم تدعون إلى الحرية للمرأة تكفل لها العمل في كل علم، وفن، ومركز، وأن لها الحق في استغلال مواهبها الفكرية في كل ميدان.
نحن معكم، غير أن هذا الهدف الإنساني يتحقق أكثر مع الحجاب.
دور المرأة عندكم يتركز في «الإغراء» كما يقول «رومين»: «ان حلم الشباب الذي تغذيه الحياة المادية هو إغراء الفتيات الجميلات».
كل شيء في المجتمع المعاصر يغذي وحش الإغراء عند المرأة، لكي يثير الوحش المقابل عند الرجل، كما تساءل شكسبير في يوليوس قيصر: «لم يخلق القوي الذي يستعصي على الإغراء».
وعلى قوة الإغراء قامت ثقافة كاملة، وصناعات، وحفلات، ولقاءات، وإعلانات، حتى لم يعد لدى المرأة وقت لاستغلال كفاءاتها الأخرى.
الحجاب عند المسلمة كبل هذا الوحش عند المرأة وعند الرجل، وأعطاها الوقت لتنمية كفاءاتها العلمية والفكرية، والإسهام في خدمة المجتمع. إذن، أعطوها فرصة لكي تثبت صواب النظرية.
لقيت مسلمات «محجبات» هن قمم في مجالاتهن كطبيبات، ومهندسات، وعاملات في الحقول الاجتماعية المختلفة.
لم يظهر صديقنا الفرنسي اقتناعاً بهذا المنطق، ولكنه استسلم لتفكير عميق.
على الأقل أصبحت لديه نظرية تستحق التأمل.
باريس، اغسطس 1989
من سلسلة مقالات «غير منشورة» للمرحوم كامل الشريف
الدستور