غدا أُحَبُ وأحبُ
غداً أُحِبُّ حبيبتي للمرّة الألف
كما أوصى أبي
وبعد غد أحِبُّ زهرةَ الرّمانِ ثانيةً
سيان
سيان بين الزّهرة والحبيبة
وسنابل القمح في نيسان
فهم الخبز وهم الهواء ورائحة الحياة
وهم الطّريق لأجمل آخرة .
لا تتعبْ مِنَ الآمالِ والذّكرى
فكلّ غدٍ أملٌ لا يضاهى
وأعشق صباحاً أو مساءً
لتحمي ذكرياتك
وتمحو فجيعة الحاضر
وتترك للبحرِ مُتسعاً في خيالك
وللعُشبِ رائحته الذّكية بعد المطر .
لا تتعبْ مِنَ الخمرِ ولا الرّيحان
ولا عبق المساء
ولا عطر النّساء
ولا أرومة القهوة في الصّباح.
الشّمسُ ترحلُ للبعيدِ
تدخلُ في حُمرتها
تخضب جدائلها خلف السماء بحنّاء
لتأتي في صباحٍ آخر أجمل
«تنبت السّوسن في الأرض اليباب «
قال أبي قبل الوداع :
كان يا ما كان أنْ تعبَ الزّمان
فأراحَ مِعطفَهُ وانزوى في ركنِ حديقة
فصارَ الحُبُّ مقياس الزّمان .
لا شيء أجدى مِنَ الحُبِّ كي تجد الطريق
أُغنية أو قصيدة أو تنفّس الصّعداء
لا تَلُمْ زوجتُكَ إنْ غنّت على شباك غرفتها
ففي الكلماتِ كلّ ساعاتِ الزّمان
وفي اللحن شهقات حب قديم
لم تمحه السنوات.
غنّي كما شئت
اضبط الأوتار
واجعل القيثار إنساناً يغنّي
وأنت، ما أنت إلا نغم
حينما تَعشقُ أو تُعشق
وما أنت إلا فرصة للحُبِّ
كي يكون الموت رحيماً
وأنْ تخلقَ معنى لأيامِ حياتك .
يا ابن آدم: كُنْ أنتَ
فأنتَ لم تُخلقْ لحربٍ
لم تخلقْ لتزويرِ الحياة
ولا أنْ تركعَ للسّيدِ أو ما شابه
لم تُخلقْ كي تَسرِقَ ظلَّ أخيكَ
أو تُفجع زوجته
أو طفلاً ما زال يحبو
إيّاك دخول الحربِ
فكلُّ حربٍ بسوس
تحصدُ الرّضعَ في المهدِ
تحرق الخضرة، تفسد البحر
تحجب الشمس
ويقتلُ فيها الشّعراء .
والأرض، لمن يزرعُها
ولمن يحصِدُها
ولمن أحب .
سافر إلى الدّنيا على أنغامِ قُبلةٍ
سافر لتعشقكَ البحار
ومِن بعيدٍ تستقبلُكَ الفيافي والجبال
وربما عشيقةٌ تُسقيكَ كأسَ خمرةٍ
ولن تفيقَ مِن سكرتِكَ الطّويلة
فأنتَ في قلبِ الحياةِ
سابق الرّيح ولا تخشى المطر
جبار ياسين - شاعر عراقي