يا موطني ضاع الدليل بين الريجنسي والنخيل
هي زفرة مواطن ( مغلوب على أمره ) وتنهيدة عاشق مؤرق ، وضع قدما في ( الريجنسي) وقدما في ساحة النخيل يراقب ما جرى، عين هنا وعين هناك ، وبطينا أيمن هناك وأيسر هنا ، لأنه وطن واحد وجماله في فسيفسائه الذي لو فقدت إحدى قطعه الملونة فكرا وثقافة وتنوعا لتشوهت اللوحة بأكملها ،هذا هو الأردن ،ومن ينطق أو يسعى إلى غير هذا ، (وهم كثر ) بغية مركز أو بحثا عن منفعة أو شهرة ليقال عنه كذا وكذا ،فهو خائن لدينه وشرفه ووطنه .
تابعت الاعتصام الأخير ، بعد أن أظهرنا للعالم أننا فريقان : فريق يدبك يسحج ،وفريق صارخ محتج ، والعجيب أن الفريقين يلعبان في نفس الجهة وضمن فريق واحد ،والحكم الدركي يصفر من كثرة ( الفاولات ) ويرفع يديه للتعبير عن ضربات حرة مباشرة وغير مباشرة ، ومساعده الشرطي يرفع الراية ،والجمهور يضج صراخا بهذا الفريق العجيب الذي يحاول كل واحد من اللاعبين أن يسجل أكبر عدد من الأهداف في مرماه ،أما أنا فلا حيلة لي إلا أن أرمي البيض الفاسد ،والعلب الفارغة على الفريق بأكمله على هذه التشكيلة الهزيلة !
أيتها الحكومة الرشيدة ، يجب عليك أن تتمتعي بروح رياضية عالية ، وأن تنصاعي لمطالب الجمهور، دافع ثمن التذاكر عصر كل جمعة ،والقيام فورا بإصلاح ملعبك البلدي المهلهل كثير الحفر ،وتأهيله جيدا ،وما من سبيل أمامك إلا أن يرى الجمهور جدية وتغييرا جذريا وحقيقيا في هذا الاتجاه ، أما أن تقومي في كل مباراة باستبدال بعض اللاعبين وإدخال الاحتياط فهي لعبة قد مللناها وأمر غير مقبول ،لأنه يدل على تخبط في رسم خارطة واضحة المعالم للمباراة ويؤدي إلى أن نخسر جميع المباريات محليا وإقليميا ودوليا .
وليس أمام الأندية بجماهيرها إلا أن تتقن فن المطالبة بدبلوماسية عالية ، وأن تتقدم بطلباتها بصبر وروية وذكاء ،لأن بعض الغوغاء والعشوائية في تنفيذ المطالب العادلة والضرورية لتحسين أداء الملعب واللاعبين والتجهيزات اللازمة ،يفقدها هدفها الأساسي، وتؤجل بل تعطل المطالب الوطنية الإصلاحية التي ننادي بها جميعا.
أيها الكل الواحد ، نريد إصلاحا حقيقيا وملموسا لا وعودا وتطمينات مملة ،يدخل كالهواء في كل بيت وشارع و حي وبلدية وجامعة ومستشفى ومؤسسة ووزارة ، فما عادت ( الطبطبة ) والتهدئة وإبر المورفين والفهلوة الإعلامية ، والضحك على الذقون ،وما عاد طبخ الحصى لنا نهارا أو ليلا كي ننسى الجوع وننام وسيلة ناجعة ومجدية . لا بد لنا من أن نواجه جميعا الحقائق المرة والمريرة ، أن نسمع أكثر مما نتكلم ولنترك الإنجاز يتحدث عنا ،وأن نكون جادين وصادقين كي نستثمر الفرصة الأخيرة في الليلة التي تسبق موت الدجاجة البياضة .