أحداث الجمعة ... والإنحياز للوطن
إنني أشعر بأن الأمر الذي خشيت حدوثه أصبح قريبا أو أوشك على الوقوع، لقد حذرنا من أن يتم إجبار الشارع على الإختيار بين الفوضى وبين محاربة الفساد المستشري والمتجذر في كل مناحي الحياة السياسية والإقتصادية في بلدنا الحبيب، والإختيار بين العيش أو التعايش مع الظلم والمحسوبية والواسطة أو النزول للشارع، والإختيار بين أن يكون يوم الجمعة يوم عبادة وذكر وقراءة سورة الكهف وزيادة عدد مرات الصلاة على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ويوم راحة بال وصلة أرحام أو أن يكون مبعث قلق وخوف مما سيحدث فيه، والإختيار بين أن يكون للأردن حيزا مهما في القنوات الإعلامية على إختلافها، تروج له وللإستثمار فيه أو أن يصبح خبر عاجل على محطة مغرضة تفرح لتقسيم المقسم وتفتيت المفتت، والإختيار بين الهدوء والتروي وإنتظار الوعود التي أطلقتها الحكومة لمعرفة مدى صدقيتها فيما تقول أو تأجيج الموقف وإراقة الدماء الطاهرة الزكية.
بكل تأكيد إن الحرب على الفساد يجب ألا تنتهي ويجب ألا تفتر ولكن يجب أن يتم الفصل بين جهات تحاول محاربة الفساد وأهله؛ لأنها تحب البلد وتحرص على مصالحه وتسعى لتحقيق العدالة بين جميع أبنائه بلا تمييز أو محاباة، وجهات أخرى تريد تحقيق أهداف وغايات خاصة ومنافع شخصية ضيقة وتنفيذ أجندات خارجية واضحة المعالم وزعزعة أمن البلد واستقراره وهذا لم ولن يسمح به أبناء الأردن الأحرار أبدا.
محاربة الفساد غاية كل الشرفاء والمتستر على الفاسد فاسد ومحب الفاسد فاسد والساكت عليه فاسد والمشجع له أفسد منه، ولكن الوطن الحبيب بحاجة وفي هذه الظروف الحالكة القاتمة من حولنا لطرق بعيدة عن التشنج والتأزيم والمواجهة التي قد تؤدي إلى إراقة الدم الأردني الطاهر الزكي لا سمح الله، لهذا ليتحمل كل منا مسؤوليته وليتق الله بما يقوم به وليراعي مصالح الوطن قبل مصلحته الشخصية، حمى الله الأردن وأعز الله المصلحين الصالحين وأراحنا من المفسدين والمخربين والمتنفعين وسائر بلاد المسلمين إنه مولانا نعم المولى ونعم النصير.