تكريمنا بالجنسية السعودية
لقد توكلنا على الله وشرعنا منذ سنوات بالعمل من أجل تأسيس المجلس الإسلامي العربي في لبنان والإعلان عنه والدخول في الساحات السياسية على مختلف الأصعدة، وعندما أطلقنا على المجلس «الإسلامي العربي» استغرب البعض لربط الإسلام والعرب من جديد، في وقت باتت تيارات فكرية ـ دينية تسعى بكل قوة من أجل النأي بالاسلام بعيدا عن العروبة وحتى إيجاد جدار عازل بينهما، والسعي من أجل التركيز على سياق يساهم في تعزيز فكرة الفصل بينهما، وتصوير عملية الربط بأنها سعي من أجل إثارة النعرات والمشاعر القومية ببعدها العنصري، ولأننا كنا ندرك تماما بأن عدم التأني والتصدي السريع لهكذا تساؤلات من شأنه أن يٶثر سلبا على المسعى والنية الأساسية لنا في طرح اتجاه وسياق فكري ـ ديني متكامل بشأن العلاقة الجدلية الراسخة والمتجذرة بين الاسلام والعروبة، مستمدين رٶيتنا ونهجنا بهذا الصدد من التجربة الفكرية ـ الدينية ـ السياسية للمملكة العربية السعودية.
بإلقاء نظرة على الأحداث والتطورات التي جرت خلال القرن العشرين والمد العروبي الانفعالي الذي عم الوطن العربي، والذي من دون شك له أسبابه وعوامله المتباينة، مع الأخذ بعين الاعتبار الأخطاء والسلبيات التي حدثت من جانب بعض التيارات عندما ذهبت بعيدا، متناسية جذورها الدينية، غير آبهة به أو حتى مستغلة وموظفة له لاعتبارات سياسية ـ عرقية، فإن تجربة المملكة العربية السعودية والسياق السياسي ـ الفكري ـ الديني الذي أسس له المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود والربط الصحيح والواقعي بين العروبة والإسلام من خلال نهج واضح المعالم يؤكد على أن عزة العرب ومجدهم وسٶددهم قد بلغ الذروة مع تشرفه بالإسلام دينا وأن مهمة ووظيفة العرب وكما كانوا حملة لأعباء تبليغ الرسالة وإيصالها لأقصى نقاط العالم، فإنها ستبقى مستمرة ومتواصلة بالنهل والاستلهام من الإسلام وجعله نبراسا لهم والمحافظة على أصالته ونقائه، وإن نهجنا السياسي ـ الفكري ـ الديني في المجلس الإسلامي العربي قد انطلق وتأسس على هذا المنحى، وإننا ومع مواجهة الهجمات والانتقادات واسعة النطاق التي شككت فينا، لاسيما لأننا تيار ينتمي إلى المذهب الشيعي (العربي) غير أننا وقفنا بكل قوة متمسكين بمبادئنا وانتمائنا العربي بوجه كل ذلك، مؤكدين أن الحق والحقيقة لا ينتمي لطائفة أو مذهب أو اتجاه، بل إنه يفرض نفسه بقوة حجته ومنطقه وما يحققه على أرض الواقع.
طروحات المملكة الفكرية والدينية عززت ثقتنا بنهجها
موقفنا السياسي ـ الفكري من المملكة العربية السعودية وطروحاتها السياسية ـ الفكرية ـ الدينية، الذي التزمنا به بقوة وثبتنا عليه ولم تؤثر فينا كل الأحداث والتطورات غير العادية، لم نكن نبتغي من ورائه مزايدة أو ما إلى ذلك، بقدر ما كنا نريد أن نوضح أننا مٶمنون بخط ونهج فكري ـ ديني رشيد واضح المعالم ونريد السير في طريقه والاقتداء بمناره، خصوصا أن المملكة العربية السعودية لم تتوقف عند حد الطروحات الفكرية ـ الدينية لها وإنما عززت ذلك بتطبيقات عملية، وأن مراجعة مواقف المملكة تجاه العالمين الإسلامي والعربي بمختلف المناسبات والأحداث والتطورات، والتأثيرات والتداعيات الإيجابية لهذه المواقف أثبتت وتثبت أن هذه المملكة منذ تأسيسها وحتى الآن، هي مملكة الخير والعطاء والقرارات الصائبة.
منح الجنسية للكفاءات نهج المملكة منذ تأسيسها
إن صدور الموافقة الملكية بمنح الجنسية السعودية لنا وللعديد من الشخصيات المتميزة ذات الكفاءة العالية في الفكر الديني والقطاع الطبي والوسط التعليمي والأكاديمي، وإن كانت التفاتة كريمة غير عادية وثقة كريمة، لابد من الإشادة بها لكنها في الوقت نفسه لم تخرج أبدا عن الخط الأساسي الذي رسمه المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود وبشكل خاص من حيث إيلائه أهمية كبيرة للعلماء والمفكرين والمبدعين وتقريبه لهم والاستفادة منهم.
المملكة ٢٠٣٠ وجهة اقتصادية وسياحية عالمية
وهذا الخط الأساسي لابد من التأكيد على أن خادم الحرمين الشريفين سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين سيدي الأمير محمد بن سلمان وخصوصا من خلال رٶيته الحصيفة 2030 التي طرحها التي تهدف إلى تحويل السعودية إلى وجهة اقتصادية وسياحية عالمية، وهذا السعي يستمد قوته من الإسلام الذي شرف الله تعالى به السعودية أولا، ومن الخط العام الذي رسمه الملك عبدالعزيز آل سعود للمملكة، ومن دون شك فإن مجريات الأمور ومنذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الأمور مع ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، قد أثبتت المملكة أنها تسير على هذا الخط بكل أمانة وهذا ما يبعث الأمل والتفاٶل والثقة في العالمين العربي والإسلامي ويجعلها تثق بالمستقبل أكثر، خصوصا أن العيون كلها تتجه للمملكة وقادتها الميامين باعتبارهم الأكثر حرصا على الإسلام والعروبة وعلى قيم الخير والوئام والتعايش السلمي بين الشعوب وعلى السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
عكاظ