صلاح : ما هي أخبار الأقصى يا أولاد ؟
عام ونصف العام ، قضاها شيخ الاقصى رائد صلاح خلف القضبان بحبس انفرادي بعد قرار قضائي خبيث زج به في الزنزانة ككل مرة ، بعيدا عن حبيبته القدس ومعشوقه الأوحد : الأقصى .
لا أتحدث هنا عن رائد صلاح السياسي الذي لا ينتمي لأية جهة ، والذي نأى بنفسه عن التجاذبات الفلسطينية الداخلية والعربية ، ولا عن رائد صلاح رئيس بلدية أم الفحم لثلاث دورات تباعا ، ولا عن رجل حاز على جائزة الملك فيصل الدولية لخدمة الإسلام ، ولا عن صلاح الذي يعتبر أول من كشف عن حفريات تحت الأقصى ، أو الذي حافظ على تاريخ مساجد الخط الأخضر التاريخية أو المقابر والمقامات التي تعرضت لهجمات متتابعة وإجراءات إزالة أو تشويه ، أو صلاح الذي سير مئات السيارات من فلسطين الداخل باتجاه الأقصى عبر " ما يعرف بـ " مسيرة البيارق " لإحباط افراغ الأقصى من المصلين ، أو الشيخ الذي أقام واشرف على تنظيم واقامة حلقات قراءة القرآن والذكر في " مصاطب " الأقصى ، أو منشئ " صندوق طفل الأقصى " ومطلق مسابقة : " الاقصى في خطر " أو المؤثر على يهود اعتنقوا الإسلام بسبب صلابته وحسن معشره وصبره وقوة عزيمته ، أو عن الشخص الذي اقترن اسمه بالأقصى تحت مسمى .. " شيخ الأقصى " ..
لا أتحدث عن هذا الشيخ الجليل وعمره الذي قضاه في الدفاع عن القضية الفلسطينية وجوهرتها ، بل أتحدث عن رائد صلاح ، الإنسان : الإنسان الذي نادرا ما تجد له صورة لا يبتسم فيها ، حتى خلال لحظات الإعتقال ووضع الأصفاد .
غير أن ابتسامته التي عهدناها ذهبت بين غمام اللهفة ولو للحظات ، إذ رأيناه يبكي للمرة الأولى أمام الشاشات .. ولكن :
هل بكى خورا وضعفا بعد الإفراج عنه ؟..
حاشاه بالطبع ..
هل رأينا دموع الشيخ رائد صلاح بعد النطق بالحكم عليه وابعاده عن عائلته؟ ..
بالطبع لا ..
هل رايناه يبكي لضعف أصابه أو ألم انتابه أو مرض ابتلي به أو نقص دواء تعمد الصهيانة الأوباش حجبها عنه أو لأنه تعب من الكفاح والدفاع عن بيت المقدس ..
بالطبع كلا ..
لقد رأينا دموعه أخيرا بعد الإفراج عنه في أول صورة له على هذا النحو ..
متى حدث ذلك .؟؟ وكيف ؟ ..
عندما رأى والدته ..
انهملت دموع الشيخ حنانا ورأفة وبرا بامرأة خفض لها جناح الذل من الرحمة ، ولأنه رائد صلاح ، سرعان ما كفكفتها شقيقته أو ابنته لا ندري ..
إنه شيخ أفنى عمره في السجون والاعتقال والاقامات الجبرية والابعاد ، ولكنه في النهاية إنسان .
والدته المريضة المتلهفة لعناقه ذبحته اشتياقا فانهمرت دموعه اشتياقا ، دون أن تفت في عضده ، وفجأة يسأل مستقبليه في غمرة هذا الإنسكاب : ما هي آخر أخبار الأقصى يا اولاد ؟.
قالها هذه المرة وهو يشق بابتسامته المعهودة غمائم الدموع ..
ونختم بطرح نفس سؤال الشيخ :
ما هي أخبار الأقصى يا أولاد ؟؟ .
جى بي سي نيوز