أجندة العام 2022
لم أتابع ليلة رأس السنة توقعات الفلك والأبراج وما يخبرنا به المشاهير مثل مشيل الحايك وماجي فرح، وليس فقط لأني لا أومن بالأبراج ولا اصدقها، بل أيضا لأني بت أجدها مملة تناور بالعموميات وتتلاعب بالتعابير هروبا من التحدّي بتقديم توقعات محددة فتقدم الكلام القابل للتأويل على مساحة واسعة بحيث يمكن أن يندرج تحته أي حدث على صلة بالعنوان. وهذا ينطبق على التوقعات بشأن الأردن . إذن لنترك هذا الكلام الفارغ ونذهب لإلقاء نظرة على الأجندة الواقعية للعام الجديد.
الاستحقاق الأقرب هو إقرار التعديلات الدستورية الجديدة وهي قد أصبحت اقرب للإقرار بعد التوافق على صيغة بديلة أكثر منطقية وإقناعا لمقترح مجلس الأمن الوطني لكن الذي حدث في مجلس النواب قلل الثقة بمرور سلس للتعديلات والعجيب أن الأمر يتعلق بأقل التعديلات أهمية وتأثيرا وهو ادخال كلمة الأردنيات الى جانب الأردنيين فمع أنها مجرد رسالة معنوية إيجابية تجاه النساء لا يترتب عليها أي أثر قانوني والأعجب أن التيار الإسلامي اختار هذه النقطة الهامشية ميدانا لصدامه مع التعديلات. وقد يترتب على ذلك أن يتعرض عضو الكتلة الذي استخدم اللكمات الاحترافية تجاه زملائه هو أيضا الى عقوبات مثل التجميد لعام كامل من عضوية المجلس.
الاستحقاق الثاني سيكون إقرار القوانين الجديدة للأحزاب والانتخاب وهي الأهم من بين مقترحات اللجنة الملكية قد تناقش بمسؤولية وهدوء في ضوء الدرس القاسي الذي حصل في أول جلسة لمناقشة التعديلات الدستورية والرسالة القوية التي سترسلها الإجراءات العقابية بحق المسؤولين عن الشغب. والمتوقع حال إقرار هذه القوانين ان تشهد الساحة السياسية والحزبية والبرلمانية حراكا قويا وغير مسبوق لإعادة ترتيب الساحة السياسية الحزبية وانخراط اعداد كبيرة من القيادات السياسية والمجتمعية ومن الشباب والنساء في العمل الحزبي.
الاستحقاق الثالث هو انتخابات البلديات ومجالس المحافظات ( اللامركزية ) تطبيقا لقانون الإدارة المحلية الجديد ولما كانت هذه الانتخابات هي أول خطوة تطبيقية لمنظومة التحديث السياسي فسوف تحظى بأهمية استثنائية وسيكون هناك جهد خاص لتحفيز الشباب والنساء والأحزاب على المشاركة لكن الاقبال على الانتخابات سيتأثر – مع الأسف – بالجو العام المحبط من التجربة السابقة والاحساس ان شيئا لم يتغير مع القانون الجديد الذي استبق توصيات الجنة الملكية ولم يأخذ بها بل أخذ خطوة الى الوراء بإلغاء المجالس المحلية، ولو كان لي يد في الأمر لاقترحت تأجيل الانتخابات المحلية عاما كاملا بهدفين: أولا لتعديل القانون نفسه بما ينسجم مع توصيات اللجنة الملكية وثانيا أن تكون المنظومة التشريعية للأحزاب والانتخاب قد تركت مفاعيلها في الساحة وتهيأت الأجواء والقناعة بأننا مقبلون على تغير شامل.
هل يأتي بعد ذلك استحقاق التغيير الحكومي ؟! الشائعات عن التغيير الحكومي لا تتوقف وقد اشتدت بعد انجاز اعمال اللجنة الملكية ولم تكن على صواب والآن يوضع أجل جديد هو الانتهاء من رزمة تشريعات التحديث السياسي والانتخابات المحلية لكن الحقيقة ان التغيير الحكومي ليس استحقاقا منظورا الا في أذهان الراغبين به إنما الملزم فهو برنامج الإصلاح الاقتصادي والإداري المطلوب من الحكومة تنفيذه هذا العام وهو الذي سيحدد مصيرها.
الدستور