الستار الحديدي الجديد
أحاط الاتحاد السوفياتي السابق نفسه خلال الحرب الباردة طيلة النصف الثاني من القرن الماضي بستار حديدي.
يهدف ذلك الستار لحماية الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية الموالية له، التي شكلت حلف وارسو، من تسلل القيم الليبرالية والثقافة الغربية والإعلام والبضائع الغربية، وما يتبع ذلك من جواسيس وعمليات تجسس اجتماعية وثقافية واقتصادية. في حين كان الغرب يحاول حثيثا التسلل من خلال الجدار.
منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وحل حلف وارسو في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، انهار ذلك الستار الحديدي وهو الذي تحول أصلا إلى ستار حريري في فترة آخر الرئيس ميخائيل غورباتشوف وهو آخر رئيس للاتحاد السوفياتي.
حطمت روسيا، وريثة الاتحاد السوفياتي، ذلك الجدار، وأخذت تنفتح على الغرب بلا هوادة؛ قيميا وثقافيا وإعلاميا واقتصاديا، واندمجت روسيا في النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب سياسيا واقتصاديا وثقافيا.
اليوم نرى بوادر بناء ستار حديدي جديد، لكن هذه المرة تبنيه الدول الغربية حول روسيا لحصارها.
العقوبات الاقتصادية التي قادتها الحكومات الغربية، تبعها خطوات من قبل الشركات الكبرى التي من المفترض أن لها إدارات مستقلة ولا تتبع تلك الحكومات وفق النظام الرأسمالي الليبرالي.
كبرى شركات النفط (شل، بيبي، اكسون موبيل) انسحبت من السوق الروسي رغم أن ذلك سيكلفها مليارات الدولارات.
وسائل إعلام كبرى سحبت مراسليها من روسيا، مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر انحازت بشكل كبير ضد روسيا، مصانع سيارات كبرى قاطعت روسيا. تطبيقات عالمية قاطعت روسيا، البنك الدولي علق كل مشاريعه في روسيا.
الفيفا دخل على الخط وشن عقوبات رياضية قاسية.
إنه ستار حديدي جديد له ما بعده.
السبيل