شعب المُحللين الفلتة
أينما ذهبت تجد من يُحلل لك حرب روسيا وأوكرانيا..! في العزاء كلّهم يتركون الترحم على الميّت ويقولون لك عن بوتين العنيد الذي لن يخرج من أوكرانيا إلاّ بعد أن يدمرها .. في العرس يتركون الفرح ويحللون لك أرقام المساعدات الأوروبية لزالينسكي .. في اللقاء العابر الذي تريد أن تهرب منه يوقفك المحلل الفلتة ليستعرض عليك المأزق الذي تعيشه ألمانيا في موضوع الطاقة ويفتح طاقة في رأسك..! تفتح الحنفية لتطسّ وجهك بشويّة ميّة لتصحصح فلا يخرج الماء إلا ومعه عشرون محللاً يثبتون لك أن أوكرانيا (ما إلها حيلة بروسيا)..! تمشي في الشارع هرباً من كل التحليلات؛ ترى ثلاثة أشخاص يتجادلون في حقّ بوتين بالتدمير وحق أوكرانيا في الانضمام (للناتو أو للنيتو) وحق العرب في شفاء الغليل..!
يحلل كل شيء.. لكنه عاجز تماماً عن تحليل ما آلت إليه أموره.. عاجز عن تحليل البول عندما يعاني من السلس.. عاجز عن تحليل المشهد العربي الذي يزداد طينه بلّة كل ساعة.. عاجز عن تحليل ما حلّل الله له ويذهب بعيداً في تحريم العقل إذا أراد تشغيله بطريقة صحيحة..!
ولكننا لا نفلت إلا لكي نهرب من وجه قضايانا ونتركها تتكدّس وتتصلّب لنرميها في وجه أطفالنا وهم يكبرون..!
يا سادة: من يحلّل لي لماذا نحن نحلّل..؟!
الدستور