ليست رصاصة طائشة بل هي رصاصة قاتلة
سرني أن فريق التحقيق الخاص في مديرية الأمن العام والمشكل لمتابعة التحقيقات في حادثة مقتل شاب في السابعة عشرة من عمره برصاصة «طائشة» قبل أيام في حي نزال في عمان، تمكن بعد جهود كبيرة من تحديد هوية مطلق النار من إحدى الأعراس في جبل الجوفة، وإلقاء القبض عليه، وضبط السلاح المستخدم.
هذا الشاب البريء فقدنا مع كثير من الألم، فقط لأنه صدف أن كان في موضع سقطت فيه رصاصة شخص أشهر مسدسه في الهواء وأطلق رصاصاته فرحاً، غير آبه أنه صنع ترحا ووجعا وحزنا في جبل قريب منه.
في هذا الحادث الموجع سنتذكر مآسي كبرى عشناها جراء هذا التخلف الذي ما زال مسيطرا على عقول بعضنا، دون أدنى اتعاظ أو مخافة قانون، أو رجاحة منطق. سنتذكر الطفلة جود، التي اغتيلت قبل بضع سنوات برصاصة قاتلة وهي تلعب في باحة منزلها، الطفلة سلمى ابنة السنتين حين دهمتها رصاصة قاتلة وهي في أكثر الأمان آمانا: حضن أمها. وسنتذكر غيرهم وغيرهم ونترحم عليهم.
لو أن القانون لدينا طبّق بشكل حقيقي صارم على كل من يجرؤ على إطلاق النار في المناسبات لما ظل البعض منا يشهرون أسلحتهم، ويطلقون رصاصاً يسقط فوق الرؤوس موتاً متعمداً. لماذا لم تتوقف هذه العادة؟.
نحن للاسف لا نتضامن اجتماعيا وعاطفيا مع هؤلاء الضحايا. بل ننساهم بسرعة. فيوم مقتل الطفلة جود تمنيت لو أن نخرج بشموع نجوب ليل المدينة منددين بالمجرم الذي أطلق طرطرات فرحه لثقب رؤوسنا. ويومها قلنا إنه قاتل متعمد؛ نعم متعمد؛ لأنه يعرف أن رصاصته ستعود إلى الأرض بذات سرعتها، وحتما ستقتل من يكون في موضع سقودها.
نحن قتلنا هذا الشاب بشكل أو بآخر، كما قتلنا العشرات ممن استقرت رصاصات الأفراح في رؤوسهم ونحورهم. لأننا لم نقضِ على هذه الظاهرة البغيضة من جذورها. تهاونا وتساهلنا مع من لا يستطيعون أن يقيموا أفراحهم ونجاحاتهم إلا بإطلاق الرصاص القاتل. حياة إنسان تعدل في ميزان الخالق حياة الناس جميعا. ولكنها في عرفنا لا تعدل إلا فنجان قهوة.
أطالب أن يتم تغيير مصطلح: (رصاصة طائشة) واستخدام مصطلح (رصاصة قاتلة) بدلا منه، فهي لم تخرج من سبطانة المسدس؛ إلا لتقتل وتصنع الترح.
الدستور