أثبت الإخوان .....
بداية لتعلم أخي القارئ بأنني ما كنت يوماً من جماعة الإخوان ولا تربطني أي معرفة أو علاقة شخصية أو مهنية بأي من أعضائها أو قياديها، وما كتبت مقالي هذا تحت أي توجيه أو طلب، وإنما كتبته بدافع قول كلمة حق إن شاء لله في حق جماعة تمتلك ما تمتلك من القيادات وأدوات الإعلام وقادة الرأي وليست بحاجة لشهادتي أو مقالي ولكنه كلام شعرت بأنه من الواجب عليّ قوله.
لقد أثبتت جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بحزبها وشبابها وكوادرها التنظيمية والميدانية والإعلامية في الشهور القليلة الماضية بما لا يدعو للشكّ بأنها جماعة على درجة عالية من التنظيم والتنسيق، تمتلك حزباً ذا جماهيرية عالية واعية متمرسة خلفه، لم تتوانى لحظة واحدة عن الاستجابة لأيّ من نداءاته ودعواته لها سواء بالتظاهر أو الاعتصام أو الوقفات الاحتجاجية في الميادين وفي الجامعات وفي كل المواقع، رغم كل ما تعرضوا له من قمع وحصار وملاحقات وحملات تجييش مستمرة واتهامات بالعمالة والتخوين وشتائم ومحاولات اعتداء، طالت القيادات التي تقدّمت صفوف جماهيرها قبل الأفراد ضاربين بذلك ملحمة في الترابط بين القيادة و الأعضاء.
ها هي الحركة تقود الحراك منذ أكثر من سبعة شهور دون ملل أو كلل أو تقاعس بوتيرة ثابتة تقريباً، وبنفس طويل يحسدون عليه، ويصعب على الكثير مجاراته لم ينساقوا فيه وراء كل المحاولات التي كانت تهدف إلى إخراج مسيراتهم عن مسارها ومساقها وصبغها بصبغة الفوضى والتخريب، التي لم يستطع أعداء الإصلاح إلى جرهم إليها واكتفوا بتوجيه الاتهام دون وجود ما يثبت أقوالهم على أرض الواقع, فالمتابع للحراك يعلم بأن مسيرات الأخوان والمعارضة بشكل عام كانت مثالاً يضرب فيه المثل، ونموذجاً متطوراً يقدّم كمرجعية للحراك السلمي المتحضّر الذي لامس في رقيّه مستوى المسيرات التي نراها في أوروبا وأمريكا ودول العالم المتحضر.
أحببناهم أم كرهناهم، توافقنا معهم أم عارضناهم، هاجمناهم أم رحبنا بهم ... هذا هو الواقع .. واقع يفرض نفسه بقوة على الجميع، واقع يحتّم على جميع القوى السياسية والحزبية والإعلامية والنخب القيادية في المعارضة وفي الدولة احترامه، والوقوف طويلاً أمامه ومحاولة منافسته لا محاربته والتجييش ضده، ومحاولة تشويه صورته وتلفيق التهم التي ما عاد يصدقها حتى مطلقيها، وما عادت تنطلي إلا على السفهاء الذين لا يعتد لهم برأي و لا حتى بقول .. فالإخوان لم يكونوا يوماً ضد الأردن، ولم يثيروا أي فتنة ولم يحملوا السلاح ضده ولم يتآمروا عليه ولم يسرقوا منه قرشاً، ولم تثبت عليهم قضية للآن ضد الدولة.. ولو كانوا فاسدين كما يتهموا فلماذا لا نرى أي من قيادتهم خلف القضبان، ولم نسمع بقضايا تثار ضدهم في خضم عشرات القضايا التي نسمع عنها كل يوم بحق من استحفظوا على أموالنا ووزاراتنا ومقدراتنا ممن يعتبرون أنفسهم الجنود الأوفياء والأمناء المخلصين.. ولو كانوا عملاء كما يدعي أعداء الإصلاح.. فأيّ دولة تلك التي تحمي العملاء وتفتح لها مؤسساتها ودوائرها للعمل وتسمح لأعضائها بالترشح وللانتخابات وباستلام القيادة في كثير من المواقع الرسمية والشعبية والنقابية والتعليمية... كانوا كذلك بينما تسابق الكثير ممن يدعون الوطنية ويتشدقون بحب الأردن وبأنهم من الصفوة المرضي عنها المخلصين إلى نهبه وسرقته وتحويله إلى مزرعة لهم ولأولادهم وبذل كل جهد يذكر لاستغلال مناصبهم وقوتهم في سبيل تقضية مصالحهم، وتنمية أرباحهم والمحافظة على مكتسباتهم و التآمر علي الوطن و محاولة إفلاسه وتركيعه و تهيئته نفسياً ونظرياً وعملياً لقبول مشروع الوطن البديل بكل صدر رحب كورقة حلّ أخير في مواجهة خطر الإفلاس و توابعه.
أثبت الإخوان في التجارب السابقة بأنهم ليسوا طلاب مناصب ولا يعنيهم بريق الكراسي وهالة الوزارات المسيرة التي لا تملك زمام أمورها والتي تشكل بأسلوب الرضاوات والخاوات والتنفيعات والمكافآت والمنات والذي يفرض على كل أعضائها الالتزام بمنهج الرئيس وعدم الخروج عنه أو السماح لعقله وفكره ورأيه بالظهور، وكل من يخالف أو يحيد عن تنفيذ الأوامر حتى ولو كانت ضد الشعب فمصيره الإقالة.. رفضوها في الحكومة السابقة كأقرب مثال وأثبتت الأيام صحة ما ذهبوا إليه في عدم الاشتراك، و لنا في تجربة الإعلامي الوطني طاهر العدوان والقومي العربي حسين مجلي خير مثال .. كما و أثبتوا بأن قراراهم في مقاطعة الانتخابات الأخيرة كان في مكانه.. فلو اشتركوا لتم ترسيبهم باسم الدوائر الوهمية ولأضفوا على تلك الانتخابات الشرعية المفقودة وكانوا جزءا من مجلس الـ 111 وفي هذا محرقة لهم تداركوا خطرها ولم يكتووا بنارها بفعل حكمة قياداتها..
كما ونقدر لهم في عزوفهم عن الاشتراك في مسرحيات لجان الحوار التي شكلت من أجل كسب الوقت وتبريد الشارع والتخفيف من حالة الاحتقان، دون وجود نية صادقة للإصلاح، وهاهي الحكومة التي شكلت اللجنة تتوثب للانقضاض والانقلاب على مخرجاتها قبل تطبيقها بحجة عدم حصولها على موافقة أغلبية الشعب وعدم توافقها وتطلعات الأردنيين، وتريد الاحتكام لمجلس الـ 111 كي يعينها على إفراغها من مضمونها أو اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي الذي لا يضمن أحد مخرجاته في ظل تكرار حالات التزوير لإرادة الشعب في كثير من المواقف.
قاد الإخوان بمعية إخوانهم في أحزاب المعارضة وقوى الشارع الشبابي الحراك بحكمة وسلمية ومهنية اكتسبت بها احترام كل المثقفين والأحرار واكتوت بغيظ المكيدين والمقهورين الذين لا يجدون إلا الشتم والبلطجة وتوزيع الاتهامات الفارغة و الافتراءات الفاقدة لأي اثباتات وسيلة لمنافستها .. مع أنني لست منهم ولكني أرفع قبعتي احترامًا لهم ولو كان هنالك من يساند حراكهم وحراك القوى الشعبية العفوية المتصاعدة والتي هي في طريقها إن استمرت إلى تشكيل نواة شعبية قوية ستفضي آجلاً أم عاجلاً إلى منظومة وتشكيل تنافس فيه الإخوان على كسب ودّ الشارع وتسابقهم إلى كل ما فيه مصلحة الأردن ومنعته بالعمل الشعبي الوطني وليس بالشتم و إطلاق الأكاذيب ...أقول لو كان حجم المساندة أكبر لما انتظرنا وسننتظر كل هذه الفترة كي نشرع ونبدأ بعملية الإصلاح المنشود المغيب حتى الآن والسير بخطى ثابتة نحو تحقيق حلم الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ولو بأدنى مستوياتها.