أمر الدفاع 36.. الوعي بتوطّن الوباء يمنع تفشي الفيروس

المدينة نيوز :- على خلاف ما يُظن، لم يُطلق أمر الدفاع رقم 36 السلوكات الصحية على عواهنها، بل جاء لإرساء عودة متدرجة للحياة الطبيعية بهدف الانفكاك من ربقة فيروس كورونا بطفراته وتحوراته جميعا، وتحقيق أمل التعافي العام من الفيروس الذي أدمى البشرية في جهات الأرض الاربع، بحسب خبراء ومعنيين.
ورأى هؤلاء الخبراء في أحاديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن أمر الدفاع 36 الذي جاء غداة تحسن الوضع الوبائي، يطلق عودة تدريجية للحياة الطبيعية التي ستنعكس ايجابا على تحسّن الحالة النفسية وزيادة المناعة الجمعية، بعد أن دفع العالم بما فيه الأردن ثمنا كبيرا من حياة وصحة مواطنيه واقتصاده، نتيجة انتشار الفيروس.
مستشار منظمة الصحة العالمية في الأردن الدكتور محمد رسول الطراونة، قال، ان أمر الدفاع جاء بعد تحسن الوضع الوبائي، وانخفاض عدد الاصابات والوفيات الناجمة عن كورونا، ويأتي متزامنا مع اتخاذ كثير من دول العالم نهج تخفيف القيود والإجراءات الاحترازية نتيجة ما لمسته من مؤشرات إيجابية في تحسن الوضع الصحي.
وأضاف الطراونة الذي يقوم بأعمال نقيب الأطباء، إن تخفيف الاجراءات جاء بعد الاطلاع على المؤشرات الصحية في الاردن والإقليم والعالم بأكمله، لافتا الى أن أمر الدفاع 36 شدد على الالتزام بالكمامة في الأماكن المغلقة، ويوازن في الوقت نفسه بين الحالتين الصحية والاقتصادية، مع مراعاة الاشتراطات الصحية.
وأوضح أنّ الكمامة أداة صحية تقي من الفيروسات المعدية وتعزز المناعة، مؤكدا أن عودة الناس للحياة الطبيعية ستحسّن من الحالة النفسية وترفع المناعة، لكن دون التقليل من أهمية تلقي المطاعيم، لأنه لم يتم الإعلان عالميا عن القضاء على الوباء.
ولفت الطراونة الى ان أمر الدفاع 36 ينسجم مع إجراءات الانفتاح الاقتصادي خاصة وأن النسب الايجابية للإصابة بالفيروس انخفضت إلى أقل من 5 بالمئة وهي العتبة التي حددتها منظمة الصحة العالمية لتخفيف الإجراءات بالتزامن مع تجاوز المراحل الصعبة للجائحة، والدخول في مرحلة التعافي بشكل سلس.
من جهته، اكد استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان الدكتور عبدالله أبو عدس، أهمية الالتزام بالاحتياطات الصحية الأولية في أي زمان ومكان، حتى في ظل أمر الدفاع 36، لتجنب عودة انتشار الوباء وحفاظا على الصحة من العدوى من أية أمراض معدية أخرى، معتبرا أمر الدفاع 36 بمثابة تحفيز وليس التفريط، وللتخفيف من وطأة التوتر النفسي الذي عانى منه الناس خلال الفترة الماضية بسبب ضغوطات الجائحة.
ودعا ابو عدس المواطنين الى التحلي بالوعي الصحي تحت أي ظرف، وبشكل خاص خلال الظروف الوبائية، موضحا ان المجتمع يعيش حاليا في مرحلةالوقاية، وهو ما يُلزم الجميع بالتقيد بشروط السلامة الأولية.
ورأى رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور زيد الشمايلة، ان أمر الدفاع وإنْ تضمن تخفيفا لبعض القيود؛ فإن ذلك لا يعني العودة إلى ما قبل آذار 2020؛ أي حالة الحياة الطبيعية الانسيابية بلا منغصات وبائية عامة، لافتا الى أن تخفيف الاجراءات يضع الافراد أمام مسؤولية وعيهم بأهمية الصحة الخاصة والعامة.
ودعا الشمايلة إلى عدم التهاون وعدم فتح الباب على مصراعيه في العلاقات الاجتماعية، ذلك أن الحذر مطلوب، خصوصا بعد أن أصبحت الكمامة هي الدرع الاخير المتبقي أثناء مخالطة الآخرين، سيما في شهر الصوم الذي تزداد فيه وتيرة العلاقات الاجتماعية والزيارات والازدحامات في الأسواق والتجمع في المساجد عند صلاة التراويح.
وأشار الى عدد من النظريات الاجتماعية التي تفسر السلوكيات المعتادة في مثل هذا الظرف،ومنها نظرية الفرصة، أي اغتنام فرصة الحرية لمخالفة القوانين أو الخروج على التعليمات وكسر القواعد المعمول بها اجتماعيا وثقافيا.
وأوضح أن من ايجابيات كورونا، إذا كان لها ايجابيات، اختفاء بعض السلوكيات التي تسهم في انتشار الأمراض، ومنها العناق عند كل لقاء، وكذلك التعود على الكمامة وتعقيم اليدين، إضافة الى الحد من البذخ والإسراف والتبذير.
وبين عضو التدريس في كلية العلوم التربوية في جامعة الطفيلة التقنية الدكتور جهاد التركي أن أمر الدفاع 36 يتضمن الكثير من النقاط الايجابية تزامنا مع حلول شهر رمضان الفضيل، ففيه تزداد العبادات والطاعات والشعائر الدينية، والولائم والسهرات الرمضانية.
وحذّر التركي في هذا السياق، من اعتقاد بعض الأفراد بانتهاء الجائحة، وما يترتب على ذلك من عدم التقيد بالإجراءات الوقائية السابقة، وهو ما قد يؤدي إلى انتشار المرض وارتفاع معدلات الاصابة، داعيا الى وضع خطط للعودة التدريجية للحياة الطبيعية، وبما يضمن السلامة العامة والحفاظ على صحة المجتمع.
الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم البطاينة، قال ان جائحه كورونا القت بظلالها الثقيلة على اقتصادات دول العالم المتقدمة والنامية على حد سواء، وهو ما دفع كثير من هذه الدول الى اتخاذ إجراءات للتخفيف من حدتها، بموازاة السعي لتخفيض عدد الاصابات والوفيات، مشيرا الى أن أوامر الدفاع كانت احد اهم الإجراءات التي نفذها الأردن للحد من تبعات هذه الجائحة.
وبين أن من شأن أمر الدفاع 36 اعادة الاستقرار للقطاعات الاقتصادية وتوفير مزيد من فرص العمل، وتحقيق النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات البطالة.
يشار إلى ان أمر الدفاع رقم (36) لسنة 2022 الصادر بمقتضى قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992، تضمن إقامة الصلاة في المساجد ودور العبادة وفقاً لطاقتها الاستيعابية، ودون التقيد بمسافات التباعد، مع الالتزام بارتداء الكمامة، إضافة إلى السماح بالتجمعات الداخلية والخارجية بجميع أشكالها وتنظيمها والمشاركة فيها.
كما رفع القيود عن الطاقة الاستيعابية للمطاعم والصالات وإلغاء قيدي الحد الأعلى للجلوس على الطاولات والمسافة بينها، والسماح بالدخول والتواجد في الأماكن المفتوحة دون شرط ارتداء الكمامة، إلى جانب عمل المنشآت بكامل طاقتها الاستيعابية.
بشرى نيروخ