اخرُجوا من المنزل الصغير إلى الكبير !!
جبت الأردن معلما وصحافيا، اتلمس جماله واتشرّبه وأدقق في مشاكله واكتب عنها، منذ أواخر الستينات إلى أواخر الثمانينات من القرن الفارط.
و في التسعينات لم أوفر فرصة لزيارة اية بقعة في الأردن إلا واغتنمتها، كاتبا ونائبا ووزيرا.
في مطلع الثمانينات تعيّن صديقي المثقف الرائق زهير محمد علي العجلوني رئيسا لهيئة إدارة المرافق والاستراحات السياحية، التي كانت منتشرة في كل المملكة، ولما اصبح وزيرا للسياحة اقترحت عليه أن ينظم برنامج زيارات أسبوعية للصحافيين والكتاب والمصورين والرسامين وعائلاتهم إلى المنشآت السياحية، يشمل صحف تلك الأيام، الرأي والدستور والاخبار، وصوت الشعب ووكالة الأنباء الأردنية، ووكالات الأنباء العربية، الكويتية والقطرية والمصرية-الشرق الأوسط- والسورية والعراقية.
كنا نذهب كل يوم جمعة تقريبا، محمد كعوش ونصر المجالي ومحمد موسى عوض ونبيل عمرو وأحمد الحسبان ويوسف العبسي وحافظ ملاك وعماد القسوس ويوسف حجازين، إلى أحد المواقع السياحية في حافلة مجهزة يوفرها لنا ولعائلاتنا الصديق زهير العجلوني، ونعود لنكتب مشاهداتنا في تقارير تعريفية مصورة جميلة مجانية، وفرت معلومات قيمة للمواطنين، وأسهمت في لفت أنظارهم إلى الكثير من الأماكن السياحية والأثرية والتاريخية والدينية والمحميات والغابات الجميلة المنتشرة في طول البلاد وعرضها.
وها أنذا أواصل بشغف وهيام، وكلما أتيح لي، تلك العادة الحميمة، وأواظب كالطفل المفتون الممتليء بالدهشة، على تلمس أسرار الأردن وجوانب الجمال المتنوعة المتعددة الخلابة فيه، التي لا تعد ولا تحصى.
وعلى هذا الطريق الطويل الذي لا ينتهي، طريق العشق العميق والانتماء العريق إلى بلادنا الجميلة، ركن «سوراقيا» المكين، حارسة مجدها وبوابة حريتها ومنصة تحريرها، صُغتُ شعارَ «من يعرف وطنه أكثر، يحبه أكثر»،
والأمر بسيط، إنه كالحب، له مقدمات مهمة هي التعرّف والمعرفة، المقدمة الأولى والكبرى للوقوع في الشفف والغرام والعشق والهيام.
منذ يومين جددنا هوانا القديم الراسخ، الدكتور حسين السرحان وأنا، مع بطل أمتنا الأول ميشع، الفارس العربي الأردني الموآبي الحميدي، تعطّرنا على جبل نيبو، برائحة شهدائه، وسمعنا صليل سيوف فيالقه، وحمحمة خيلهم وهي تدوس الغزاة العبرانيين بسنابكها، وتدك رماحها في ظهورهم وتلحق بهم الكسيرة والعار.
الدستور