اوكرانيا : رئيس يصافح الفراغ ويتحدث مع الاشباح
كما قلنا ذات مقال ، فإن الولايات المتحدة لن تسمح بأي اتفاق سياسي بين اوكرانيا وروسيا للسبب الذي بات معروفا وتلخصه مقولة الروس : إن الأمريكان سيستمرون في تشجيع الحرب حتى آخر اوكراني .
الروس الذين ظهروا متعبين وبمستوى قوة الدول النامية لولا القدرات النووية والصاروخية التي يمتلكونها ، ثبت بان جيشهم اقل عددا من الجيش الاوكراني وفق بعض المعلومات وثبت ايضا بانهم في ساحات المعارك لا يملكون تفوقا جويا ولا تميزا بريا او بحريا بعد اغراق " موسكوفا " بل بالعكس ، إذ ما ينفك الاوكرانيون يعلنون عن استعادة قرى واراضي تم احتلالها ، ولكن هذا لا يعني ان بوتين سيتوقف ، فلقد رأيناه قبل ايام في اجتماع مع وزير دفاعه يطلب منه الاستمرار وعدم السماح لـ " ذبابة " بالمرور من المنطقة الصناعية المحاصرة في ماريوبول التي اعلن بانه لن يقتحمها وسيتركها لقدر الاستسلام .
المصالح ، ولا شيء سوى المصالح ما يحرك كل هذه الحرب وما يتخللها من دعم مادي واعلامي وغيره ، ولكن فات كثيرا من اللاعبين بان الأمور قد تنقلب رأسا على عقب ، وقد رأينا تصريحات المستشارالالماني الاخيرة التي قال فيها : انه لا بد من عمل دبلوماسي وكذلك قالت النمسا التي تقف على الحياد ، محذرا - المستشار - من أن يدخل النيتو طرفا في الحرب تجنبا لحرب عالمية نووية ، يضاف الى ذلك " التعب " أو " الشك " الذي يساور الاوروبيين تجاه الموقف الامريكي وتضارب مصالحهم مع واشنطن ، ولكن بفمهم ماء كما يقال : بسبب حاجتهم للنيتو في هذا الظرف الخطير ، وقس عليه ما أعلنته اوكرانيا من ان ثلث الغاز المصدر لاوروبا قد يتوقف بسبب الحرب رغم ان الروس يضخونه بشكل اعتيادي عبر الاراضي الاوكرانية ، ولا ننسى كذلك تذمر بعض الدول الاوروبية من عدم قدرتها على استيعاب مزيد من اللاجئين ، من ذلك ما اعلنته بولندا بلغة اقل حماسة عن أن عدد اللاجئين الذين عبروا حدودها بلغ حتى الآن 3 ملايين شخص .
بالمآل الاستراتيجي للحرب ، فإنه لا يمكن هزيمة روسيا عسكريا رغم انها الضعيفة والمهلهلة والمفروض عليها عقوبات تاريخية ، وهي ستتمكن في النهاية من اقتطاع جنوب وشرق اوكرانيا في دونسك وما حولها وسيجد العالم نفسه امام واقع جديد فرضه بوتين الباحث عن بصيص نصر يرفع به معنوياته الشخصية ومعنويات جنوده المحبطة لتبدأ رحلة البحث عن حلول دبلوماسية ، ولكن هذا الخيار لن يكتب له النجاح امريكيا وستحرص الادارة وشركات الاسلحة على الاستمرار في اشعال الجحيم ، فالمهم عند واشنطن أن تحيد روسيا وتشغلها بنفسها للتفرغ لما هو اكبر من روسيا ومن المنطقة العربية والقدس وكل مشاكل المنطقة والعالم وهو مقارعة الصين التي تنافسها على الزعامة الاقتصادية .
الخلاصة : ستستمر الحرب ولن يكون الحل سوى بأيدي الامريكان فقط ، ما يعني أنه لا آمال دبلوماسية في المدى المنظور إلا بموافقة " مستحيلة " يوقع عليها رجل على اعتاب الثمانين يخلط بين ايران واوكرانيا وقد تندر به الامريكيون مؤخرا وهو يتحدث مع الفراغ ويصافح الاشباح.
جى بي سي نيوز