أمريكا تقود أزمات العالم المالية
حدثت الأزمة المالية العالمية في نهاية عام 2008 وكان سبب حدوثها أن المؤسسات المالية الأميركية توسعت في منح القروض السكنية بصورة لم يسبق لها مثيل من ناحية، وازدادت نسبة القروض إلى قيمة الممتلكات (المساكن) من ناحية أخرى. وقد قدمت المؤسسات المالية تلك القروض لعدد كبير من المستهلكين أصحاب الملاءة الضعيفة أو الجدارة الائتمانية الرديئة، بمعنى أن رغبتهم وقدرتهم على سداد القروض متدنية، وبالتالي يتعثرون عند حلول مواعيد سداد القروض، مما يؤثر على وضع المؤسسات المالية التي منحت القروض، ومن ثم عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها وانهيارها.
• قادت هذه الأزمة المالية جميع دول العالم نحو تراجعات وخسائر فادحة في أسواقها المالية وكانت ولا تزال إمارة دبي ترزح تحت وطأة الديون بسبب الانهيار الكبير في أسوق العقار والمال بشكل رئيسي وتلتها جميع الدول العربية ولكن كل منها كان حجم تأثره بحجم انفتاحه على الأسواق المالية العالمية .
• ثم جاء قرار مؤسسة ستاندرد اند بورز وهي إحدى شركات التصنيف الائتماني العالمية بتخفيض مرتبة الدين الأمريكي والذي يعني بالنتيجة تراجع قدرة أمريكا على سداد ديونها ليخلق أزمة مالية جديدة بدأت بشائرها بالظهور مما استدعى الدول السبع ودول العشرين الاقتصادية الكبرى للتدخل لمحاولة تلاشي الأزمة او التخفيف من حدتها .
• وهذه العدوى ستنتشر قريبا وذلك بسبب خاصية معينة تتميز بها المؤسسات المالية والمصرفية وهي درجة التشابك الكبيرة بينها وخصوصا بعد استحداث الأدوات المالية الجديدة في المجال المالي بصفة عامة وفي مجال التمويل العقاري بصفة خاصة والذي انتشر في التسنيد أو التوريق بصورة كبيرة وذلك من خلال تحويل القروض السكنية إلى سندات مدعومة بتلك القروض مما يؤدي إلى تشابك المؤسسات المالية، وبالتالي فإن تعرض إحداهما للانهيار أو الإفلاس يؤدي إلى تعثر وانهيار مؤسسات مالية أخرى.
• من ناحية أخرى، هناك خاصية أخرى يتميز بها القطاع المالي وهي أنه عند إفلاس أو انهيار مؤسسة مالية بسبب وضعها السيئ فإن الذعر يصيب المودعين في المؤسسات المالية الأخرى، التي يكون الوضع المالي لمعظمها جيدا، ومن ثم يلجئون إلى سحب ودائعهم.
• وبالتالي فإن سحب الودائع بصورة مفاجئة يؤدي إلى انهيار تلك المؤسسات المالية حتى لو كان وضعها جيدا وسليما. وهذا الأمر يطلق عليه أثر الدومينو بحيث لو انهارت ورقة واحدة من أوراق لعبة الدومينو انهارت باقي الأوراق، لذا نجد أن تدخل البنوك المركزية في هذه الحالات يعتبر أمرا ضروريا.
• إننا بحاجة إلى بناء منظومة اقتصادية مالية عربية ووطنية تكون الأساس والمنطلق في تكوين استراتيجة تعتمد على التشارك والتعاون بين اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي وجميع الدول العربية بشكل رئيس، ومن ثم يكون الاعتماد والارتباط بأمريكا وأوروبا أمر ثانوي ، نريد أن نحرر اقتصادنا من أزمات أمريكا قبل أن تصل إلينا النيران ثم لا ينفع الندم .