رحلة الشريف الحسين بن علي من مكة الى القدس دفاع عن العقيدة
المدينة نيوز :- قال المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة الدكتور وصفي الكيلاني، ان الكثيرين ممن درسوا الثورة العربية الكبرى لا يعرفون بأن الشريف الحسين بن علي خرج من مكة المكرمة في ثورة مقدسة ورحلة مقدسة لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك وفلسطين.
وأوضح الكيلاني لبرنامج "عين على القدس" الذي بثه التلفزيون الأردني مساء أمس الاثنين، ان مقدمات الثورة العربية الكبرى وصلبها كان دفاعا عن العقيدة والدين الاسلامي من خلال المبايعات من قبل العشائر في الحجاز والجزيرة العربية الذي بايعوه على السمع والطاعة أميرا للمؤمنين.
وأكد الكيلاني أن الثورة العربية الكبرى لم تقم ضد الخلافة العثمانية ولا ضد السلطان عبد الحميد، مشيرا الى وجود مراسلات بين الشريف الحسين بن علي والسلطان عبد الحميد، حاول الشريف الحسين بن علي من خلالها انقاذ السلطان عبد الحميد من قبضة جمعية الاتحاد والترقي التي طغت على الخلافة وعلى السلطان عبد الحميد، ما يؤكد أن الشريف لم ينكث ببيعته لخليفة المسلمين بل دافع عن السلطان في فترة بدت فيها الخلافة الاسلامية هشّة وضعيفة ولم يبق منها غير الاسم.
ولفت الكيلاني الى أن الشريف الحسين بن علي وأبناءه كانوا مدركين لهذا المخطط وهذا التحول، حيث كان اثنان من ابنائه في مجلس المبعوثان، والشريف كان معيّنا على سيادة أشراف مكة منذ قيام الدولة العثمانية التي استمرت حوالي 400 عام، والتي كانت تعترف بشرافة مكة للهاشميين وآخرهم الشريف الحسين بن علي لغاية انطلاقة الثورة العربية الكبرى.
ورأى الكيلاني أن الشريف الحسين بن علي وأبناءه استشرفوا أن المستعمر قادم بعد ضعف الدولة العثمانية ولا بد من ثورة مشتركة مع أحرار العرب، وكان في فكر الثورة العربية الكبرى عدوان قادمان الى المنطقة، هما الاتحاديون الأتراك والانجليز والفرنسيون، حيث كان فكر الثورة يرى أن هناك محاولة لطمس الهوية العربية الاسلامية، ولا بد من سد الفراغ.
من جانبه قال الخبير في تاريخ الهاشميين والجيش العربي الدكتور بكر خازر المجالي، ان المراسلات التاريخية للشريف الحسين مع السير مكماهون ركزت في محاورها على ثلاث نقاط رئيسة، هي: أولا، وحدة الأرض العربية بكاملها في آسيا العربية دون أي استثناء بأقاليمها الثلاثة، وهي اقليم بلاد الشام واقليم بلاد الرافدين واقليم الجزيرة العربية، واستثنيت منطقة عدن التي كانت تحت السيطرة البريطانية منذ عام 1839.
والنقطة الثانية كانت طلب السيادة والاستقلال كدولة عربية، وثالثا: اعطاء الأفضلية لبريطانيا كدولة حليفة للمنطقة في المستقبل، مشيرا الى وجود تصميم من قبل الشريف الحسين بن علي على وحدة الأرض العربية، مقابل مراوغة واضحة من قبل الجانب البريطاني في هذه المراسلات لاستثناء منطقة فلسطين، ولكن كان هناك اصرار تام من قبل الحسين بن علي على عدم استثناء أي منطقة عربية.
وأوضح المجالي كيف وجدنا أنفسنا أمام مسارين، الأول هو مسار بناء الدولة والسعي للاستقلال ووحدة الأرض العربية، والآخر ذاك الذي سار بالتوازي وهو المسار التخاذلي الذي كان ينسف كل خطوة يتقدم بها العرب بقيادة الشريف الحسين بن علي، ويتعارض في سياساته الخفية مع المطالب العربية، مشيرا الى ما كان يحاك في الخفاء منذ مؤتمر بال بسويسرا عام 1897 لإقامة دولة لليهود في فلسطين، واتفاقية سايكس بيكو والتي نسفت كل ما ورد في المراسلات، في حين كان العرب يسيرون في مخططهم وهم يعتقدون أن الآخرين يعاملونهم بأمانة ومصداقية.
وقال أستاذ التاريخ المعاصر الدكتور علي محافظة لتقرير القدس في عيون الأردنيين: بعد حوالي 1000 سنة يعود للعرب أهميتهم ودورهم في الحياة السياسية في بلادهم، حيث سيطر الأتراك على الأوضاع منذ أيام الخليفة العباسي المعتصم، وجاء بعدهم البويهيون ثم السلاجقة الأتراك ثم المماليك، وأخيرا الدولة العثمانية التي دخل العرب في حظيرتها لمدة 400 سنة، وبعد هذا التاريخ الطويل الذي انعزل فيه العرب على أن يكون لهم دور في تقرير شؤونهم قامت الثورة العربية الكبرى التي تعتبر أول حركة قومية عربية تعيد للعرب كرامتهم والتفكير في مستقبل بلادهم.
وقال رئيس جامعة العلوم الاسلامية الدكتور سلمان البدور، اذا رأينا شعار الثورة العربية الكبرى وهو الحرية والوحدة والحياة الفضلى، نجدها تتناغم مع أهداف الاسلام السمح، ففي الثورة العربية الكبرى ارتبط شأن العرب بالاسلام، فكان لا بد أن ترتبط الثورة العربية الكبرى بالأقصى والقدس، وهكذا كان الأمر في زمن الحسين بن علي الذي دفع حياته وملكه وعرشه في سبيل أن تبقى القدس عربية اسلامية، مؤكدا ان الهاشميين أوفوا برسالتهم تجاه المسجد الأقصى والقدس وحافظوا على اسلاميتها وعروبتها.
بدوره قال مدير المكتبة الوطنية محمد يونس العبادي، ان هذه الثورة جاءت لحماية الدين الاسلامي والكثير مما لحق به، وكذلك حمايته من الطورانية التي ظهرت في تلك الفترة، والتي أرادت تتريك الشعوب التي كانت تنضوي تحت الخلافة العثمانية، فجاءت الصيحة التي كانت اسلامية بالدرجة الأولى وعربية بالدرجة الثانية.
وأشار الى ان الشريف الحسين تلقى البيعة من كل ممثلي فلسطين، وخاصة المجلس الاسلامي الأعلى، والذين عرضوا عليه حاجة المسجد الأقصى للإنقاذ والرعاية والاعمار، فاستجاب على الفور وقام بالتبرع الهاشمي الأول لإعمار المسجد الأقصى، ومن هنا بدأت الوصاية الفعلية التي استمرت وتعززت وتعمقت عبر ملوك الهاشميين، الى أن وصلت الى جلالة الملك عبدالله الثاني صاحب الولاية الهاشمية التي يقوم بها خير قيام.