ليبيا.. حول إعادة تفعيل الدائرة الدستورية

تم نشره الأحد 21st آب / أغسطس 2022 01:14 صباحاً
ليبيا.. حول إعادة تفعيل الدائرة الدستورية
السنوسي بسيكري

بعد مرور ما يزيد عن ست سنوات على إيقافها، وبعد جدل كبير ورفض طلبات من جهات رسمية ومجتمعية تم الخميس الماضي إعادة تفعيل الدائرة الدستورية ضمن المحكمة العليا بقرار من الجمعية العمومية للمحكمة والتي تضم خمسة عشر مستشارا.

السؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا تم تفعيل الدائرة بعد إيقافها لست سنوات وتأجيل البت في الطعون المقدمة لها إلى أجل غير مسمى ومحاججة رئيس المحكمة العليا والمستشارين بأن إيقاف الدائرة يحقق مصلحة كبيرة وأن تفعيلها سيضاعف من الأزمة ويزج بالقضاء في أتونها بل ويوقعه في مصيدة التسييس؟

الاعتقاد السائد والذي يتداوله الكثير من المراقبين أن رئيس المحكمة العليا ومستشاريها واجهوا ضغوطا من قبل مجلس النواب والذي اتجه رئيسه ومن يواليه في المجلس إلى إعادة تشكيل المحكمة العليا مما يعني احتمال تغيير رئيسها ومستشاريها الحاليين، فسارع هؤلاء بتفعيل الدائرة الدستورية لقطع الطريق على أي قرار يتخذه مجلس النواب بخصوص المحكمة العليا والقانون الذي ينظمها.

 

 

إن الوضع ربما سيزداد تعقيدا، واللوم يقع على مجلس النواب المنساق خلف اتجاهات سياسية ومصلحية لرئاسته، إذ لا يمكن اعتبار توجه عقيلة صالح بتغيير تركيبة المحكمة العليا في هذا الوضع المأزوم، وهو طرف سياسي في نزاع حاد وشرعيته مطعون فيها، اتجاها وطنيا يصب في خانة البناء المؤسسي، فما المبرر للدخول على خط القضاء في هذه المرحلة الحرجة إلا تحقيق أجندة سياسية ضيقة.

 

 



ومن المعلوم أن عقيلة صالح اقترح ترشيح نحو 45 مستشارا لعضوية المحكمة العليا، وبالفعل تم فتح ملف المحكمة العليا في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب، ففُهم قرار الجمعية العمومية للمحكمة العليا بتفعيل الدائرة الدستورية كرد على توجه رئيس مجلس النواب وأنصاره.

وبغض النظر عن دوافع قرار المحكمة العليا، فإن تفعيل الدائرة الدستورية يمكن أن يخفف من حالة الصراع الراهن ويسهم في مراكمة الضغوط على المتورطين في خروقات الإعلان الدستوري، والتي ليس أولها التعديل الدستوري الثاني عشر، في حال كان القضاء مبجلا ومحترما وقراراته ملزمة للجميع، وهو ما لا يمكن الجزم به.

الأخطر هو أن يكون قرار المحكمة العليا مدفوعا بموقف سياسي أو جاء لمناكفة مجلس النواب، فهذا يعني أن المحكمة العليا انجرت إلى حلبة التدافع السياسي من حيث أرادت أن لا تقاربه بقرارها إيقاف الدائرة الدستورية وتأجيل النظر في الطعون الموضوعة أمامها والتي تعدت الخمسين طعنا منذ العام 2016م.

إذ لو صح هذا التوجه فإن المحكمة ورئيسها سيقع في مصيدة الموازنات والحسابات الخاصة وذلك عند النظر في الطعون وأيها يوضع على طاولة النظر ولأي الطعون تعطى الأولوية، الأمر الذي سيأتي على هيبة القضاء بالطعن في نزاهته، وستكشف الأيام القادمة صواب الشك الذي لحق قرار الجمعية العمومية بخصوص الدائرة الدستورية من عدمه.

ما يبعث على الطمأنينة هو اتخاذ قرار إعادة تفعيل الدائرة الدستورية بإجماع أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة العليا الخمسة عشر، وربما يرجع هذا إلى إدراك مستشاريها لخطورة الوضع بسبب التجاوزات الكبيرة والخطيرة التي وقع فيها مجلس النواب والأجسام السيادية الأخرى من مجلس رئاسي ومجلس الوزراء، وصار من الملح بنظرهم أن يقول القضاء كلمته.
 
ردود الفعل على قرار الجمعية العمومية للمحكمة العليا تباينت وفقا لتباين المواقف السياسية والاصطفاف السياسي، ولقد كان موقف بعض أعضاء مجلس النواب غير مسؤول ليس فقط لرفض القرار بل واتهام المحكمة العليا ومستشاريها الخمسة عشر بالرضوخ لضغوط "الإخوان المسلمين"!!

الابتهاج بهذا القرار ربما راجع إلى الاعتقاد بأن إعادة تفعيل الدائرة سيكشف عوار مجلس النواب أكثر ويضاعف من الضغوط عليه وكذا عزله، ولا يعني هذا أن مجلس النواب يمكن أن يتراجع عن قراراته خاصة المتعلقة بالمسار التفاوضي والحكومة، وعينة ردود فعل النواب تشي باستعدادهم لخوض معركة سياسية في ساحة جديدة.

عليه يمكن القول إن الوضع ربما سيزداد تعقيدا، واللوم يقع على مجلس النواب المنساق خلف اتجاهات سياسية ومصلحية لرئاسته، إذ لا يمكن اعتبار توجه عقيلة صالح بتغيير تركيبة المحكمة العليا في هذا الوضع المأزوم، وهو طرف سياسي في نزاع حاد وشرعيته مطعون فيها، اتجاها وطنيا يصب في خانة البناء المؤسسي، فما المبرر للدخول على خط القضاء في هذه المرحلة الحرجة إلا تحقيق أجندة سياسية ضيقة.

 عربي 21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات