ظاهرة الانتحار بين الشباب العربي
سمعنا وقرأنا في الآونة الأخيرة عن زيادة في عمليات الانتحار أو جرائم القتل الغريبة من مثل قيام أب بقتل ابنائه وامرأة بقتل احد افراد اسرتها وشباب يهددون عبر المباشر بالأنتحار بينما يقوم أخرون بالإنتحار فعلا إما شنقا أو بإلقاء انفسهم من مرتفع وما إلى ما هنالك من حوادث باتت تقلق الناس بكل فئاتهم ، ويأتي ذلك بالتزامن مع إعلان الجهات المختصة في البلدان العربية بشكل شبه يومي عن مطاردة أو القبض على مروجي وتجار ومتعاطي مخدرات ، يضاف إلى كل ذلك حالات تهديد وخاوات إلخ .
ماذا اصاب الناس حتى يصلوا إلى هذا الدرك من السلوك المنافي للفطرة ؟؟ ..
لو أخذنا الإنتحار مثالا وقارناه مع الحالات الأخرى ، فسنجد أنه ووفق منظمة الصحة العالمية فإن نسبة الإنتحار بين الشباب بالذات تشكل النسبة الأكبر من هؤلاء ، حيث إن شخصا ينتحر كل 40 ثانية في العالم ، ولا يعتقدن أحد بأن الوطن العربي في منأى عن ذلك إذا ما تم النظر الى هذا التقرير على أنه بعيد عنا .
فوفق التقرير الأممي الرسمي فإن حالات الإنتحار المعلن عنها في بعض الأقطار العربية مرعبة ، وعلى سبيل المثال ، فقد احتلت مصر المرتبة الأولى بين العرب في حالات الأنتحار ، إذ أقدم على قتل نفسه 3799 شخصا ، تلاها في المرتبة السودان بواقع 3205 حالة ، ومن ثم اليمن بواقع 2335 ، فالجزائر بواقع 1299 ، فالعراق بـ 1128 حالة ، فالمغرب الذي سجل 1013 حالة ، وفي ليبيا فإن أغلب المنتحرين من فئة الشباب كذلك وبنسبة 58 % حسب شرطة طرابس ، ومن ثم تونس التي سجلت 101 حالة ولم يأت التقرير المتاح لي على بقية الدول ، وكل هذه ارقام رسمية أممية نشرتها منظمة الصحة العالمية كما قلنا .
وكما هو متوقع ، فقد أكد التقرير أن أسباب الأنتحار تعود لاضطرابات نفسية ، ولكن لن تفاجأ إذا علمت بأن الإضطرابات النفسية هذه سببها الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وهذا الكلام ليس من عندي بل قالته جامعة كاليفورنيا في تقرير حول الإنتحار واسبابه أجري ونشر في العام 2020 .
إذن : فإن الشباب في الوطن العربي شبه محطم ، خاصة في البلدان التي تعاني الأمرين وضيق سبل االعيش الكريم والضغوط الأجتماعية التي يتسبب بها الفقر والبطالة وغيرهما من مآس انسانية يعتقد كثيرون بأن أسباب وجودها في الأصل هو فساد كثير من الحكومات وسرقات المال العام والمحسوبيات والواسطات وإشاعة الظلم الذي هو في النتيجة ظلمات بعضها فوق بعض ، دون أن تتفطن هذه الحكومات أن كل قطعة ظلام تجر خلفها غياهب من عدم الأستقرار النفسي والسلوكي فيمضي الشاب العاطل عن العمل والمحطمة آماله إلى المجهول ، لينهي حياته بحبل أو سطح عمارة أو جرعة دواء أو حتى أطلاق رصاصة على الرأس .
أيها السادة : لقد بات الإنتحار في الوطن العربي مقلقا ومخيفا وذا آثار مدمرة ، ومن واجب الحكومات أن تعترف بذلك وتعالج أسباب هذه الظاهرة قبل أن تعلن الحداد ، فالشباب العربي يضيع على كافة المستويات أمام سمع وبصر حكوماته المتعددة الأشكال والألوان ، أما الجامعة العربية ، فلم تعلق أصلا على التقرير الأممي وكأنه يتحدث عن جنس من القرود تخطفته السباع في مجاهل أفريقيا .
جي بي سي نيوز