ليتك لم تلطم ذاك الأعرابي يا عريب
ما كان لعريب ان يلطم ذاك الأعرابي، خاصة وهو مغرق في شطحة من شطحاته الدنكوشوتية، ليجرنا بها إلى معارك تسجل فيها بطولات هامشية، كيف لا وكلمة "حيت " تجر الجمال كلها. نحن في أشد الحاجة إلى رص الصفوف وإلى من يجمع ولا يفرق، لسنا بحاجة إلى برامكة جدد تخرجوا من مدارس الدسائس والمؤامرات وترعرعوا في مستنقعات أنظمة فاشية نراها تتساقط نظاما تلو الآخر على أيدي شعوبها المقهورة.
أين فطنة الرشيد ودهاؤه السياسي، وإلى متى سيظل التاريخ مادة مكتوبة مملة للكثيرين، فلا يتعلمون ولا يتعظون، ألا يعلم هؤلاء أن البرامكة موجودون في كل زمان ومكان؟ وأنهم مهما تيقنوا قدرتهم على تحقيق مساعيهم الضالة، فلابد من حكمة رفيعة القدر تلقي بهم إلى الهاوية دون قرار، فلا يبقى منهم إلا ذكرى ملعونة يلعنها الشعب الواحد مدى الدهر.
قد تكون يا عريب محقا في كل كلمة تفوهت بها، نعم هناك هجوم غير مبرر على الاصلاحيين، خاصة الحركة الاسلامية، والتي تكاد تكون الوحيدة من بين الحركات الوطنية التي تقدمت ببرامج اصلاحية ورؤية وخطاب سياسيين متماسكين وواضحي المعالم.
وقد يكون هناك أيضا تهجم سافر على الروابط التاريخية والاجتماعية التي تشكل نسيج هذا الوطن وأهله، وبلا شك فهناك من ينفخ في نار الفتنة بتركيزه على قضية الحراكات السياسية والشبابية للمحافظات وكأنها كيان منفصل وقاص عن عمان وساكنيها، وإن كان في حقيقة الأمر أن هذه الحراكات لا يعبر عنها وعن مضمونها الوطني كاتب صحفي في عمان وإن أتيحت له المنابر، وكواحد منهم، أؤكد أن هذه المحافظات بنسيجها العشائري من شرقي النهر وغربه، تعمل يدا بيد وضمن المنظومة الأردنية الواحدة المعبرة عن وحدته الوطنية المقدسة.
لكن كلامك يا عريب لم يكن في مكانه أو زمانه الصحيح، فالقول السديد في المقام الصحيح شرط أساسي لكي لا تعطي الفرصة لأصحاب المصطلحات العفنة ليصوروا للشعب أن وطنهم ممزق زورا وبهتانا، أو أن تكون لهم أرض خصبة يرويها سمهم الزعاف، وينمو فيها نبت شيطاني يتهاوى في مهب الريح مطلقا صفيرا لينفس عن حقدهم الطائفي والجهوي، والذي لا يجد صدى إلا لدى أصحاب النفوس الضعيفة التي جاء فيها قوله تعالى: "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ".