برشلونة بين الوهم والواقع المرير!
عاش مشجعو نادي برشلونة ليلة حزينة باقصاء فريقهم مبكراً مجدداً من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، للموسم الثاني توالياً، لكن هذه المرة كانت مرارة الحسرة أشد علقماً بسبب سوق انتقالات واعدة، ووعود بالعودة الى القمة وأوهام باعها الرئيس خوان لابورتا والمدرب تشافي.
مرّة جديدة، يقع النادي فريسة التراجع إلى البطولة القارية الرديفة «يوروبا ليغ»، باحتلاله المركز الثالث في مجموعته الثالثة بـ4 نقاط فقط في 5 مباريات، ومرة جديدة بعد السقوط المتكرر أمام العقدة والبعبع بايرن ميونيخ، لكن قراءة الواقع مختلفة جداً عن الوهم الذي حاول تسويقه مديروه. فرغم انفاق ما قارب من 150 مليون يورو خلال أسابيع الصيف على 7 لاعبين جدد، بفضل «رافعات» ستنقذ النادي في الوقت الحالي لكنها لن تسعفه في حال أخفق الفريق داخل الملعب، ولن يظهر التأثير الا بعد سنوات، الا أن في حقيقة الأمر ما حصل مع برشلونة كتحليل كروي وليس من رؤية المشجعين، كان متوقعاً الى حد ما، فعندما تم الاعلان عن ضم ليفاندوسكي ورافينيا وكوندي وكيسي وكريستينسن وألونسو وبيليرين، فان هذا العدد يشكل ثلثي فريق، أي ان الشكل الجديد سيختلف عن الموسم الماضي، والانسجام والتأقلم من الجدد مع الأجواء في «كامب نو» تبقى مجهولة، أي أن مردود هؤلاء اللاعبين يبقى غير أكيد رغم السمعة البراقة لبعضهم، بل حتى المدرب تشافي ما زال يعتبر خامة غير معروفة على صعيد المدربين، رغم بعض النجاحات مع السد القطري، أي أن هذا الخليط لم يتعد اختبار النجاح بعد، كي تحتفل جماهير برشلونة بمجرد قدومهم، وتحزن بمجرد خيبة الاقصاء الأخير. ربما أسلوب لابورتا في بيع الأوهام والأحلام للجماهير، كانت وعودا قابلة للتحقق أو الفشل، لكن الضحايا كثر بسبب الأبواق الاعلامية الكتالونية التي ضخمت وهولت مما فعله لابورتا ومدربه تشافي الذي قام بشكل شخصي في اقناع اللاعبين بالمجيء كونهم سيشكلون «فريق أحلام» جديداً، على غرار ما اختبره هو نفسه قبل 10 سنوات. لكن كثيرين لا يتعلمون، ومنهم أيضاً اللاعبون الذي صدقوا الوعود والاوهام، على غرار أوباميانغ وديباي ودي يونغ وحتى فيران توريس الذي أخبره تشافي بأنه سيجعله «ميسي الجديد» وأفضل لاعب في اسبانيا، كي يقنعه بترك مانشستر سيتي قبل أقل من عام، واليوم هو لا يلعب أساسياً مطلقاً.
مشكلة الوعود البراقة وبيع الأوهام شيء، والتوقعات الفنية شيء آخر، ولهذا أقول ان ما حصل مع برشلونة لم يكن مفاجئاً، بل هو المتوقع من فريق ما زال في مرحلة انتقالية، وما زال نجومه الجدد يثبتون أقدامهم، ويبحثون عن التجانس مع بقية زملائهم، في حين ان تشافي يجب ان يتعلم بسرعة الكثير من الأمور التكتيكية، لأنه من السهل وضع مجموعة من المواهب تلعب معاً ضمن خطة 4-3-3 مع الأمل بالحصول على أفضل النتائج، لكن من الحنكة والخبرة معرفة استخدام العناصر الملائمة لكل مباراة وخصم وفي كل مسابقة. ومع مرور الوقت سيتغير الحال الى الأفضل حتى مع بقاء تشافي مدرباً، لكن اذا كانت الفكرة هي بداية «مشروع كروي» فلم يكن هناك داع لضم بيليرين وألونسو وكريستنسن وحتى كيسي، بل كانت خيارات ضم مهاجم تحت 25 سنة أفضل بكثير من جلب ليفاندوسكي.
تشافي يعلم حجم الخيبة وهو قال بعد خسارته أمام البايرن: «يجب أن نواجه الواقع. قلت انه يجب أن ننمو، وعلى أساس الخيبات سنتطوّر، واليوم كانت خيبة أمل حقيقية. لا ينتهي الموسم في تشرين الأول/أكتوبر. هذه ضربة قاسية، لكن هناك المزيد من الالقاب لنطاردها». لكن هذا الكلام كان يجب قوله قبل بداية الموسم، واعني كلماته الأولى «يجب ان نواجه الواقع وأن ننمو وعلى أساس الخيبات نتطور»، لكن ليس الوعد بنصف نهائي أبطال وألقاب محتملة، لأن هذا هو بيع الأوهام.
لكن رغم الاقصاء المبكر والحاجة الماسة للمداخيل، الا انه في في 9 تشرين الأول/أكتوبر وخلال الجمعية العمومية، قدّمت الإدارة ميزانية مؤقتة قياسية قدرها 1.255 مليار يورو. على اعتبار ان الفريق سيبلغ على أقل تقدير ربع نهائي دوري الأبطال. وبالخروج من دور المجموعات، يكون برشلونة خسر مكافآت اليويفا البالغة 9.6 مليون يورو للتأهل إلى ثمن النهائي، و10.6 مليون لبلوغ ربع النهائي. مجموع الربح الفائت يبلغ 20.2 مليون يورو ولن يتم تعويضه حتى بحال التتويج بلقب يوروبا ليغ (مجموع جوائز الفائز 14.4 مليون يورو). عدا عن الخسائر بسبب النتائج السيئة في دور المجموعات، وتراجع حجم بيع التذاكر والمنتجات المشتقة، نظراً للاهتمام الضئيل بمباريات يوروبا ليغ مقارنة بدوري الأبطال، عدا عن فقدان ما هو أهم، وهو الهيبة و»البريستيج» الذي عادة ما يزيد من القاعدة الجماهيرية حول العالم، لأن اليوم المشجع الجديد لن يجد ميسي في «كامب نو» كي يجذبه، ولا الليالي الاقصائية الطاحنة في التشامبيونزليغ كي تشده، بل سيسمع وعوداً سرعان ما تنقلب اوهاماً.
القدس العربي