أعلنها الملك: "التخريب مساس بأمن الوطن"
وبعد.. فإننا نعيش حياةً ينتابها العديد من الأحوال، ما بين انبساط وانقباض، وفرَج وكرب، وسعَةٍ وضيق، وغنى وفقر، وسعادة وحزن، وهذا التنواب من جماليات الحياة التي تكشف عن حقيقة الإنسان وجوهره وهو يتعامل مع أخيه الإنسان ليتجاوز الصعب إلى السهل، والحزن إلى الفرح.
وفي وطن يرتكز بين قارتين، يقع الأردنّ مملكة في رحابة الإيمان والأمن والأمان، وتلك نعم لا تنسى، وتذكر وتشكر ولا تُكفر.
ومع حرية التعبير التي يلجأ إليها المواطن، ليبدي طلباته لحكومته التي تسهر لأجله، وتتعب ليرتاح، مع أنّ جهودها قد لا تصل إلى ذهن المواطن أو أنّ البعض يحاول بعينه أن يغضّ الطرف عن أمنٍ وأمانٍ لا يمكن أن يتحقق إلا بفضل الله ثمّ بجهود مضنية.
وفي ليلية ظلماء كان بدرُ رجال الأمن العام في أردننا، يرقب الأحداث التي في ظاهرها إضراب، ولكنّ القائمين عليه كانوا لا يشعرون بمن يركب الموج، ويريد أن يخرق المركب، فيغرق المضربون وما يملكون، ويغرق الوطن في أوحالٍ لا يعرفها إلا من حكّم العقل، وكان واعيا حقيقيًّا لا وعيًا (توكتوكيًّا)، في تلك الليلة شاء الله تعالى، أن ترتقي روح الشهيد العقيد عبدالرزاق الدلابيح، ونسأله تعالى أن يترقي في الفردوس الأعلى، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان، ولزملائه المصابين الأجرَ والعافية والشفاء العاجل.. آمين.
ارتقى الشهيد، وبقي الوطن يواجه الفئة الباغية، ممن يبرزون من جحورهم كلما كان في الوطن مناقشة، أو خلاف بين الأشقاء، فأين نحن من زيادة الحذر على وطنٍ هو في حقيقته أمانة، فضلا عن كونه بلاد طاهرة، وعلى ثراها أمجاد، ورحيقها آباء وأجداد.
وفي موقف اشتدّ على أهل الأردنّ، قدم جلالة الملك عبدالله الثاني، واجب العزاء بشهيد الوطن العقيد الدكتور عبدالرزاق الدلابيح، نائب مدير شرطة محافظة معان، فكان التخفيف على عائلة الفقيد.
كما أنّ ما قام به جلالته، بمثابة صمام أمانٍ للزمان والمكان، وهذا ما شعر به أبناء الوطن شمالا وجنوبا، من خلال تعبيرجلالة الملك، خلال زيارته لبيت العزاء في ديوان الدلابيح بمنطقة الكفير في جرش، عن تعازيه الحارة لذوي الشهيد، قائلا "هذا ابني وابن كل الأردنيين، ولن يهدأ لنا بال حتى ينال المجرم عقابه أمام العدالة على جريمته النكراء".
والأردنّ عصيٌّ على المتخاذلين، وشدةُ الوجع الذي أصابنا باستشهاد العقيد الدلابيح برصاصة الغدر، جاءت تشديدات جلالة الملك للتأكيد على أنه: (سيتم التعامل بحزم مع كل من يرفع السلاح في وجه الدولة ويتعدى على الممتلكات العامة وحقوق المواطنين)، فالأمر خطير جدًّا ذلك أنّ الاعتداء على أمن الوطن يعني خروج عن النصّ خروج عن القانون، وهو ما قاله جلالته: (إن الاعتداءات وأعمال التخريب مساس خطير بأمن الوطن ولن نسمح بذلك).
فمن يروّع وطنا بأكمله، لا يستحقّ العيشَ فيه، فضلا عن إقامة المحاكمة العادلة له. أمَّا من تطال يدُه الاعتداء على رجال الأمن، الذيم من اسمهم، هم عنوان الأمن، وأنّ سلامة الوطن والمواطن لا تتمّ إلا بسلامتهم.
ويأتي كلام جلالته مشدِّدًا على خصوصية رجالات أمننا، بقوله: "إننا لن نقبل التطاول أو الاعتداء على نشامى أجهزتنا الأمنية الساهرين على أمن الوطن والمواطنين".
فالساهرون على أمننا، لهم الدعاء والثناء، والشكر والتقدير، مهما حصل ومهما وصلنا إليه من ظروف اقتصادية قاسية، وهذه الظروف أشار إليها جلالة الملك، من أنّها صعبة ومن حقهم فيها: "التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية ضمن القانون". فالقانون يشملنا بما لنا أو علينا. ويختم جلالته مؤكدا: "إن مؤسسات الدولة ستتخذ كل الإجراءات لمحاسبة الخارجين عن القانون".
ويبقى منا نحن الأردنيون أن نعي هذه المرحلة، وأن نتجاوب مع الإيجابيات منها، وننبذ السلبيات، ولا نجازف بإرثنا في وطننا، فإنه عظيم، والمتربصون كثيرون، ويرسلون عبر وسائل التقنيات، ما لا يعرفه البسطاء أنه: أفعى تسير في الماء.
فلا لتخريب الوطن.. ومائة لا لرصاصة الغدر وألف لا للمساس بأمن الوطن.
الرأي