تسريب حول خلافة عباس

لم يعرف بعد من هي الجهة التي سربت تسجيلات منسوبة لأمين سر اللجنة التنفيذية حسين الشيخ ، القيادي الفتحاوي وأحد قادة الحركة في رام الله ، خلال شتمه الرئاسة ونعتها بصفات غير مناسبة ، في غمرة احتدام الصراع على خلافة رئيس السلطة .

فكما هو متوقع وكائن ، فإن الشيخ نفى هذا التسريب مشددا على اعتزازه بعباس وبكل الأسماء التي وردت بالتسريب ، ولكنه لم يخف أنه التقى عباس ليلة التسريب " مساء الاربعاء " ..

وأيا كان الأمر ، فإن حربا خفية تدور خلف الأبواب المغلقة ليس لقيادة الشعب الفلسطيني إلى بر الأمان ، والوصول إلى وحدة الضفة وغزة وتوسيع منظمة التحرير والاتفاق على استراتيجية ، ولكن للجلوس على رأس التنظيم الذي هيمن على القرار الفلسطيني بالمطلق منذ توقيع رؤسائه اتفاقية أوسلو إلى الآن .

من ضمن ما ورد في التسريبات الصوتية ،اتهام لعباس بأنه هو قائد الفوضى : " أبو مازن شريك في الفوضى ومن مصلحته بقاء الفوضى " ..

وأخطر ما تضمنه التسريب هو التلميح لقصة اغتيال عرفات حين قال صاحب الصوت : " اليوم القصة تختلف عن قصة عرفات " دون ان يتم توضيح ذلك إلا بما فسره البعض على أنه طرح محاولة للتخلص من عباس ، كاشفا بأن وضعه مع ابو مازن يراوح بين " التعايش والصدام " .

ووصف عباس بكلمات نابية حين قال : "عباس لما يكون ماخذ موقف وبده يمشيه بيجي بتواقح معك، اليوم هذا الموضوع جوهر القصة ".

والمهم أيضا في التسريب أن صاحبه اعترف بوجود حرب على الرئاسة حين وصف ما يجري بـ " معركة خلافة ابو مازن " مؤكدا وجود الأصابع الأمنية المختلفة في هذه المعركة ، ومؤكدا أن هناك خطة محكمة لتنفيذ ذلك مضيفا : " الأمن داخل بالموضوع وشغال في اللعبة وجزء من اعضاء اللجنة المركزية للحركة داخلين في القصة " .

ولا يعرف بعد حقيقة ما كشفه التسريب عن الأسم الذي سيخلف عباس حين تطرق إلى اسم محمود العالول كخليفة مفترضة يدعمها الرئيس حسب ما ورد .

وقد شن التسريب المنسوب للشيخ الذي انكره كما قلنا ، هجوما على مدير المخابرات ماجد فرج وتساءل عن سبب وجود فرج في غزة في غمرة حوارات بين فتح ومصر ، منتقدا مصاحبة فرج لعباس في زياراته الخارجية المهمة قائلا : " لما عرفت إنه ماخد ماجد معه بالطيارة قررت إني ما أروحش عشان أقلك الحقيقة على إيش ماخد ماجد فرج معك ؟".

وكما قلنا : فإن هذا التسريب ، تحدث عن معلومات مهمة يمكن استقاءها منه ، ولكن الأهم من كل ذلك بالنسبة للفلسطينيين أن هذه المعركة ، معركة خلافة عباس " تدور بين حيتان فتح التي هي سلطة رام الله ، ودون ان يكون لـ 14 مليون فلسطيني رأي فيها .

لقد تم اختطاف فلسطين من قبل الصهاينة مرتين ، ولكنها اختطفت بأيدي ابنائها " المناضلين " عشرات المرات ، ولا زال الفلسطينيون ينتظرون فرجا ، ليس فرج الذي انتقده التسريب ، ولكنه الفرج الإلاهي من سلطة تربعت على صدور الفلسطينيين عقودا طويلة ووقعت نيابة عنهم اتفاقية تفريط بالقضية ، وها هم الآن يتنابزون ويتناجزون بينما يشكل نتنياهو حكومته اليمينية السادسة تمهيدا للتهويد الكامل .

ما جاء في التسريب يسقط آخر ورقة توت عن عورة سلطة سبق و" شلح " رجال أمنها الأشاوس " بناطيلهم " في سجن اريحا قبل أن يسلموا أنفسهم للجنود الصهاينة " زق " ربي كما خلقتني .

د.فطين البداد