عن الهوية الوطنية..
تتعزز الهوية الوطنية بالشراكة وتثمر مزيداً من المنعة بالعدالة وتكافؤ الفرص وتحافظ على نفسها بصيانة الوحدة الوطنية وتعزيزها..!!
المجتمعات التي تأخذ بالانجاز وسيلة لتطورها وتحتكم اليه في صناعة تقدمها لا تحتاج الى استمرار تعريف هويتها كلما دق كوز التشكيك في جرة الواقع!!
وهويتنا الوطنية هنا في الاردن هي نسيج لعدة مكونات ساهمت في بنائها وهذه المكونات أعطت هذه الهوية لونها ونكهتها وبلورت فيها خصائص متداخلة ولذا فإن العزف على وتر من أوتار هذه الهوية دون «دوزان» يحفظ سلامة العزف سوف يجعل بعض الأصوات نشازاً خاصة تلك التي لا تريد أن تعزف من النوتة المقروءة والمجازة بالدستور وتحاول الاجتهاد أو الاعتماد على الهوى والغلبة أو مآرب أخرى وتسحب الغطاء عن مكونات لتغطي أخرى..
لقد أجمع الأردنيون (منذ بلورة كيانهم السياسي وتأسيسه ووضعه على بدء الطريق للصعود من تأسيس الامارة حتى استكمال المملكة).. على الهاشميين دوراً ورسالة وساروا بقيادتهم وقد تحقق الكثير حين ظلت المساهمات تعزز نسيج الوحدة الوطنية وتعلي من شأنها وتتوقف عن ارهاق الهوية الوطنية بمزيد من التقاسم والتعريفات التي تثير الجدل أكثر مما تبصر بالواقع والمخاطر..
في منطقتنا العربية التي ظلت أنظمتها تفتقد لمرجعيات وشرعيات فإن ولادة القطريات العربية والولاء لها أنجزا بناء الدولة لكنهما لم يحسما الهوية التي ظلت تتوق لمزيد من التعميق ليس بالادعاء والانتساب وانما بالانجاز والحرص على المشترك وعدم الإخلال به وأن تكون الدولة لكل مواطنيها..
في تكوينات الدولة قد تستطيع جهة أن تميز نفسها عن اخرى اذا ما أتيح لها أن تفعل ولكن هذا الميز يصبح خطراً على الهوية نفسها لانه يكشف عنها غطاءات ويضعف فيها مكونات لا تكون قوية الا اذا تساندت هذه المكونات في متانة النسيج وسلامته..
منذ نداء الشريف حسين وفيصل الأول لنسيب البكري بارسال «الفرس الشقراء» تكونت بذرة الهوية الوطنية التي زرعها الهاشميون في الاردن وقبلوا لمكوناتها أن تتوحد وتنمو فكانت «الأصول والمنابت» وهي تسميات تحمل التجاوز أحياناً لجهة التعريف ولكنها في المحصلة تقيم نسيجاً واحداً وإن تعددت الوانه التي يمكن أن تصوغ الجمال لا التنافر والثراء لا الفقر اذا ما قامت العدالة وحسنت النوايا وترفع الراصدون عن التشكيك..
وصلت «الفرس الشقراء» والتحق بها أحرار العرب الذين ناصروا شريف مكة وتحرك الهاشميون لانقاذ الأمة من الظلم والضيم وواجهوا مكائد عدة ولكن بذرتهم التي زرعت في هذه البلاد أثمرت هذا الوطن النبيل الذي تعززت هوية أهله بتعزيز مكوناتها لا الاختلاف على تعريفها اختلاف البيزنطيين في حواراتهم (والقسطنطينية محاصرة) على جنس الملائكة!!
حين أقرأ سيرة نسيب البكري ورفاقه الذين جاءوا لفيصل الأول وحملوا رايات الثورة مع عبد الله الأول واستقروا معه في معان وارتحلوا لبناء هذه الدولة بداية يصيبني الاعتزاز بأن الأردن كان وسيظل بيتاً عربياً لورثة هم أهله الذين بنوه وحرصوا على سلامة بنائه..
واذا كان لا بد من الخيل لتظل مسرجة لحماية هذا الحمى الذي تعبر قواتنا المسلحة التي ظلت تنسب الى «العربي» في الشعار الذي يحمله الجيش فوق هامات المنتسبين اليه فإن هذه الخيل على اختلاف مواردها وقدومها والمناداة عليها وحتى صيحات من تحمل أسماءهم ونخواتهم ستظل بينهم «الفرس الشقراء» التي وصلت بعد برقية فيصل الأول لتكون معه في دمشق وبغداد وعمان حيث النبتة التي أسست مكونات الهوية لهذه الامة التي لا يستطيع أحد أن يختصرها حتى لو وضع قاموساً في تعريفات الهوية..فالهوية الحية هي التي تمثل المنتسبين اليها وهي التي تسعى فيهم بالعدل والمساواة أما الهوية التي تستشعرها بعض النفوس أو المشتقة من التنظير..فإن لا أحد على استعداد أن يلتقطها مهما جرى تزيينها والتحشيد لها..طالما انها لم تقر بالفضل لكل مكوناتها وبانصاف..(الرأي)