احجية الماء في تونس
ما يجري في تونس يشبه إلى حد كبير ما يطلق عليه " أحجية الماء " التي لخصها المثل الشعبي العربي الذي يقول " وفسر الماء بعد الجهد بالماء " .
إنه الحرس القديم إياه والدولة العميقة نفسها من يمسك بكل شيء ، ليس بدءا بأي مرسوم ولا انتهاء بإصلاح صنبور ماء في ولاية يلفحها العطش .
لا يعتقد أحد أن استخدام اللغة العربية الفصحى ستكون شفيعا مقنعا لاعتقالات بالجملة وبدون سبب ، ومن قبل ذلك حل البرلمان والغاء الدستور أو الزج بمسؤولين سابقين في السجون لمجرد أنهم يعارضون ما تطلق عليه المعارضة " انقلاب " .
ما يشعرك بالإثارة - السوداء إن شئتم - : أن تونس ترفض التدخلات الأجنبية في شؤونها وهي دولة مستقلة ذات سيادة ، كما يقول الرئيس ، والحديث موجه لمن يا ترى ..
ليس للنهضة والغنوشي ولا حتى للطبوبي المتهم بمحاباة السلطة ، بل للولايات المتحدة نفسها .
بلد داخ السبع دوخات للحصول على مليار ونصف المليار دولار كقرض عاجل من صندوق النقد ، يهاجم واشنطن التي انتقدت - بدورها - الإجراءات الأخيرة ضد الحريات وآخرها اعتقال محامين وافقوا على الدفاع عن متهمين سياسيين ، في وقت يمسك فيه بايدن وحلفاؤه بقرار الاقراض من عدمه .
المشهد في تونس ليس صعبا على الفهم ، وألاعيب واشنطن كذلك ، والرئيس هو أصلا أستاذ جامعي محترم ، ولكن الأمر يتعلق بمن خلف الستار .
تونس ليست بدعا من الدول التي ثارت على الأستبداد ، و التي عادت فيها الدولة العميقة من الشباك ، وقد جيء بأسماء بعينها لتعبئة الفراغ بينما يمسك الأمن والعسكر والـ " الخارج " بكل شيء .
أقرؤوا - إن شئتم - أميرة بوراوي التي هربتها السفارة الفرنسية من الجزائر إلى تونس بموافقة قصر قرطاج وفق مصادر غربية .. وحينها سيتبين الخيط الابيض من الخيط الأسود من التبعية والدوران في فلك المستعمر القديم والجديد . .
عن أي استقلال يتحدث المتحدثون ؟؟ .
جي بي سي نيوز