الملك يحذر من الاتجار بالهوية الوطنية!
لولا أن هناك نفر مستفيد من استمرار اجترار فكرة الوطن البديل والاتجار بها لاختفت هذه الفكرة من سوق المزايدات والتداول..اما الخائفون كما قال الملك والمنتفعون كما أريد أن أزيد فهم يريدون لهذه الفكرة ان تستمر وان تعشعش وأن تبقى فوق رؤوسنا وتدخل الى تفاصيل حياتنا كفزاعة يوظفونها لمزيد من مصالحهم ولابتزاز القيادة بالمزايدة عليها وهم يدركون ان الذي «يخاف من القرد بطلعلو» كما يقال بالعامية!!
الذين يريدون أن يبيعوننا فكرة الوطن البديل ويشغلوننا بها ليذهبوا باتجاه ما يعتقدون أنه الغنائم حين يستعجلون النزول عن الشراكة الحقيقية استعجال ضعاف النفوس النزول عن جبل أحد من أجل الغنائم..أو يحاولون استحضار كل الفزاعات والصور السوداء والنفخ فيها كما يفعلون وهم يستعيدون صورة أيلول عام (1970) قبل أربعين سنة في محاولة لاعادة انتاجها رغم ان تلك كانت من الماضي ولم يعد لها مكونات يمكن البناء منها.. فقد كانت جرحاً اندمل ولا يجوز اعادة نكئه..
الملك في كلمته الواضحة والعميقة مع مجموعة من المثقفين والاكاديميين حدد ما كان تحدث عنه لنا على الافطار في أواخر رمضان حين تحدث عن الهوية الوطنية فأرادها جامعة لا مفرقة وعن الوحدة الوطنية التي لم يعد يكفي الدفاع عنها القول ان من يمسها هو خصم الملك الراحل يوم القيامة لانه أول من أطلقها ولا حتى خصم الملك عبدالله الثاني لأن ذلك يحيل الى الاخرة..ولكننا أيضاً نريد أن يحال الخصوم الى المحكمة بالاحتكام الى قوانين واضحة لا تنفذ منها السهام والشك والحقد والتفرقة والانتهازية الى وحدتنا الوطنية التي هي عنوان تكويننا وبقائنا واستمرار دولتنا..
نعم هناك نفر يدخل بنا الى جدل بيزنطي ويعمل على مثال اثبات جنس الملائكة باستمرار المزايدة وادعاء الحرص وهذا النفر الذي مارس وما زال يمارس سياسة الابتزاز ويعتمد علّو الصوت ويرى ان الوحدة الوطنية لا تتمثل الا به..وأن الهوية الوطنية ليس لها لون سواه هذا النفر ان استمرينا نجامله أو نرضيه أو نشد على يده أو نتركه يفعل فإنه يخرب مستقبل الاردن..
أغلبية الأردنيين لا تشارك في خض الماء ولا ترغب في تعريف المعرف أو تجريب المجرب وهي تبتعد زاهدة أو مترفعة أو حتى حريصة على بلدها من الدخول في المماحكات، فالأردنيون لا يخافون ولكنهم يخجلون من هذه الرطانة التي يتلفظ بها البعض وهم الأحرص على مراعاة ضرورات دولتهم في الاستقرار والمنعة حتى وان غضوا النظر عن بعض الظواهر المريبة..
نعم «هناك أناس لا يعجبهم قولنا» كما قال الملك ويرون مصالحهم أولاً ويعتقدون بتميزهم الذي يتصادم مع المصلحة الوطنية ولا يمكن أن يكون الحوار الهادئ وسيلة لاقناعهم وانما الاحتكام الى القانون ووضع نصوص تطال وبشكل فاعل وملموس كل من يحاول ثقب سفينة الوحدة الوطنية قولاً أو فعلاً أو حتى اشاره واعتبار ذلك تحريضاً أياً كان مصدره أو الواقف من ورائه..
كنا نعتقد أن همومنا وشكوانا من بعض الممارسات التي تصيب الوحدة الوطنية وتحرض عليها وتريد جعل الهوية الأردنية في وجه الفلسطينية في تصادم لا مبرر له ولا وجود سيما وأننا في الأردن أردنيون ولسنا خلاف ذلك لا تصل اخبارها للملك إلى أن وجدنا أن الملك مطلع على ذلك ويتحدث في تفاصيل هذه المسألة ويحذر من تداعياتها ومن وصول البعض الى الاتجار بالاشاعة في هذا المجال والى اعتبار هذه البضاعة بيزنس يروجون له ويستفيدون من اتساع الاعتقاد به..
نعم يستطيع المثقفون الأردنيون وأصحاب المصلحة الحقيقية في الوحدة الوطنية الدفاع عن الانجازات الكبيرة التي تحققت والمسؤوليات المترتبة على بلدنا ازاء مستقبل أبنائه وهم قادرون على ذلك فالمثقفون المخلصون والمؤمنون بالوحدة الوطنية والتلاحم والأسرة الواحدة والهوية الأردنية بكل مكوناتها المتعددة أن يهزموا الفئة القليلة التي تحاول النخر في خشبة الأردن لتقويضها..
لمواجهة أمراض الوحدة الوطنية لا بد من فتح ساحة الحوار والتعليم الجامع والثقافة الايجابية وامتلاك الشجاعة لأن نقول للأعور أعور بعدما أراد أن يبيع علينا قدرة عينه على الابصار..(الرأي)