مذكرة اعتقال بوتين
قرار جريء وخطير ، ذلك الذي صدر عن المحكمة الجنائية الدولية ، عندما اصدر قضاتها الجمعة مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب حرب اوكرانيا . .
التهمة ، وفق بيان المحكمة : أن بوتين "قد يكون متورطا في جرائم حرب تتعلق بترحيل غير قانوني للسكان " الأطفال " ونقلهم من اراضي اوكرانيا الى اراضي روسيا .
ولتبرير مذكرة الاعتقال ، وصفت المحكمة قرارها بـ "المنطقي " كون بوتين رئيسا ويتحمل بصفته الشخصية ارتكاب هذا الفعل من قبل جنوده ، وإذا لم يكن قد أمر بهذا ، فإنه يتحمل مسؤولية عدم سيطرته على العسكريين الذين ارتكبوا هذه الأفعال كما يقول بيان المحكمة .
روسيا بدروها ، رفضت هذه التهم ،وقالت وزارة الخارجية بأن قرارات المحكمة " بلا أهمية " و" باطلة قانونيا " وإن روسيا ليست عضوا في اتفاقية روما أصلا .
أما اوكرانيا فرحبت بالطبع بمذكرة الاعتقال قائلة : لقد بدأت عجلة العدالة بالدوران " .
قلنا إن المذكرة جريئة وخطيرة : جريئة لأنها تتعلق برجل أخفق في احتلال اوكرانيا نعم ، ولكنه يحكم دولة بإمكانها تدمير العالم عدة مرات ، وخطيرة لأن قرارا كهذا من شأنه أن يقطع اي حل دبلوماسي للحرب ما يشي بأزمات طويلة الأمد سيعانيبها العالم على مختلف الصعد ، ناهيك عن أن اي دولة موقعة على معاهدة روما ملزمة الآن باعتقال بوتين إن حل على أراضيها ، ولأنه أمر مستحيل فإن تداعيات سياسية ستعانيبها كثبر من الدول المنخرطة في اللعبة الأمريكية .
لا يعنينا بالمرة صدور مذكرة الاعتقال بحق بوتين سواء بهذه التهم أو غيرها ، ولكن الذي يعنينا أن المحكمة المذكورة لم تصدر مذكرة مشابهة عندما كان بوتين يقصف المدن السورية ويحيلها إلى أنقاض ، وهذا ليس موضوعنا ، وكذلك لم تصدر مذكرة مشابهة بحق بوش الصغير وأبيه الكبير عندما دمروا العراق وافغانستان ، كما لم تتخذ المحكمة قرارا مشابها بحق رؤساء دول غربية تورطوا حتى الأذنين في مذابح في افريقيا وآسيا وغيرهما ..
والأهم من كل ذلك ، لم يسبق لهذه المحكمة أن أصدرت أيا من مذكرات الإعتقال بحق زعماء الصهاينة الذين احتلوا أرضا تاريخية وشردوا ملايين الفلسطينيين وينكلون يوميا بشعب محتل يعاني الأمرين أمام العالم أجمع .
القضية مسيسة كما يفهمها رجل الشارع العادي ، ومن أجل ذلك : فمن هذا الذي يريدنا أن نصدق بأن قلب قضاة المحكمة الدولية منفطر على أطفال أوكرانيا ؟.
جي بي سي نيوز