في ذكرى معركة الكرامة وعيد الأم
في ذكرى معركة الكرامة نستذكر إنجازات الراحل الخالد جلالة المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه في تعريب قيادة الجيش وفي بناء الأردن الحديث، ونستذكر أقواله وأفعاله الخالدة في درء الخطر عن الوطن والأمة، ومواقفه المشرفة من فلسطين والقدس وأهلها، ورؤيته الثاقبة في التعامل مع التحديات التي عصفت بالإقليم، ولقد شكلت معركة الكرامة الخالدة في عهد جلالته أول انتصار عربي على إسرائيل وجيشها بعد نكسة حزيران 1967، ففي 21 آذار 1968 قام الجيش الإسرائيلي برئاسة رئيس الأركان آنذاك موشي ديان بالهجوم صباحاً بثلاثة محاور على منطقة الغور من الشمال وحتى الشونة حيث عبرت داخل الأراضي الأراضي الأردنية لمسافات محدودة، وفي البداية تعاملت قواتنا المسلحة الأردنية بكل بسالة واقتدار مع الهجوم الإسرائيلي صباحاً، ونجحت في احتوائه وإيقافه ومنع تقدمه، وقد دارت اشتباكات من مسافة صفر وبالأسلحة البيضاء وجهاً لوجه، اضطر خلالها الجيش الإسرائيلي إلى التوقف في المحاور الثلاثة، وباشر رجال المدفعية بدك العدو على طول الجبهة مما أوقع بها خسائر فادحة زادت عن (250) قتيلًا وعشرات الآليات والمدرعات المدمرة، مما دفع بالعدو إلى طلب وقف إطلاق النار للانسحاب، وجاء الرد سريعاً من قائد الكرامة الراحل الخالد جلالة المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه، أن لا وقف لإطلاق النار طالما بقي جندي إسرائيلي على أرضنا، وهكذا نفذ العدو انسحابه الفوضوي مما زاد من خسائره في المعدات والأرواح، وما أن انتهى ذاك اليوم حتى بدأ جنرالات العدو يتحدثون علناً عن حجم الخسائر بأنها فاقت ثلاثة أضعاف ما خسروه في حرب الأيام الستة مع الجيوش العربية عام 1967، وقد أقر رئيس الوزراء حينها ليفي أشكول بالهزيمة، كما أقر كبار جنرالات العدو بها واعتبروها أول قهر في تاريخ الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، فكانت الكرامة أول الدروس العسكرية في التحدي وصنع الانتصارات بالاعتماد على الذات، وقد ظهر الجيش العربي والجندي الأردني بكل كبرياء وهو يرد العدى ويُذل الصهاينة ويخرجهم خائبين مدحورين من أرضنا، تاركين بعضًا من جنودهم مكبلين بالسلاسل والجنازير بآلياتهم المدمرة إذ أن الخوف والجبن طبع الجيش الصهيوني الغادر.
وبهذه المناسبة نرفع إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، أسمى آيات الولاء للعرش الهاشمي، ونسأل المولى عز وجل أن يديم علينا الكرامة والكبرياء بقيادة جلالته، وإننا نجدد العهد بأن نبقى جند أبا الحسين والأوفياء في خدمة هذا الوطن الغالي وصون كرامته، كما ونتوجه بعظيم الشكر والامتنان لقواتنا المسلحة على ما قدمته وتقدمه لإعلاء شأن الوطن.
وبهذه المناسبة أيضًا نتقدم بالتهنئة إلى أمهاتنا صانعات المجد والكرامة والكبرياء بأجمل تحية بعيد ميلادها، ونقول بأن ذكرى معركة الكرامة التي تتزامن مع الاحتفال بيوم الأم لتؤكد في مضامينها أن الأمّ الأردنية كانت وما زلت تقف إلى جانب الرجل في ميادين العطاء وأنها هي التي غرست في نفوس الرجال أسمى معاني التضحية والفداء وبذل الغالي والنفيس في سبيل أن يظلّ الأردن شامخاً آمنًا كريمًا داخليًا وعربيًا وعالميًا.