الملف المتفق عليه في تركيا: عودة السوريين
كانت أكثر الملفات التي دفعت السوريين والعرب في تركيا عموما للتضامن مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في انتخابات الرئاسة والبرلمان هو مصير اللاجئين السوريين. ويعود هذا للخطاب العنصري المتشدد ضد اللاجئين السوريين والعرب عموما والذي يتبناه بعض رموز المعارضة التركية، بل إن مرشح الرئاسة وزعيم المعارضة كليتشدار اوغلو جعل شعار إبعاد السوريين مركزيا في حملته للجولة الثانية وملأ شوارع اسطنبول بلافتات تتوعد بإبعادهم، وهذا ينسجم مع توجهات المعارضة منذ سنوات، إذ تبنت منذ بداية الأزمة السورية موقفا مناوئا لاستضافة النازحين السوريين. ولعب مؤيدو المعارضة في المحافظات الجنوبية التي تلقت أولى موجات النزوح السوري، دورا كبيرا في مضايقة اللاجئين في انطاكيا وعنتاب وغيرها، خصوصا أن بعض تلك المناطق كانطاكيا تضم سكانا من الطائفة العلوية التي تمثل امتدادا لطائفة بشار الأسد في جبال اللاذقية في سوريا.
الحزب الحاكم والمعارضة يمتلكان برنامجا واضحا لإبعاد السوريين لكن لغة التعبير عنه تختلف
لكن المشهد تبدل بعد سنوات قليلة، وانضمت بقية شرائح الأتراك وبينهم الأتراك الإسلاميون لصف الممتعضين من الوجود السوري، ولو بحدة أقل. لكن المحصلة أن جمهور حزب العدالة، ومعظمه محافظ إسلامي التوجه، بات يطالب هو الآخر برحيل السوريين، وهذا ما دفع بحزب العدالة والتنمية لتضمين بند إعادة السوريين في برنامجه الانتخابي في السنوات الأخيرة، مشفوعا بعبارات تلطيفية مثل «عودة طوعية» وما إلى ذلك.
وكانت النتيجة اتباع سياسة إبعاد ممنهجة للنازحين السوريين، شملت طرد وترحيل أي لاجئ يعبر الحدود أو يرتكب خطأ بسيطا كالسفر دون إذن سفر من محافظة لأخرى أو العمل بولاية أخرى أو التعرض لأي شكوى من شخص تركي. وبلغ عدد السوريين المبعدين حتى اليوم من تركيا نحو نصف مليون سوري حسب الأرقام الرسمية لدائرة الهجرة التركية.
وتطورت هذه السياسة لتصبح بالتنسيق مع الأسد علنا، والحديث عن إعادة لمناطق تسيطر عليها الحكومة السورية، وظهر وزير الخارجية التركي ليعلن أنهم يعملون على خارطة طريق لإعادة السوريين «بأمان»، وقال «نعمل على خارطة الطريق وسنرسل المزيد من السوريين إلى المنطقة الآمنة، ثم ستبدأ العودة إلى المناطق التي يسيطر عليها الأسد».
إذن الطرفان، الحزب الحاكم والمعارضة يمتلكان برنامجا واضحا لإبعاد السوريين، لكن لغة التعبير عنه تختلف، كما أن قادة الحكومة التركية ما زالوا يطلقون تصريحات متعاطفة أحيانا مع اللاجئين رغم أن عمليات الإبعاد تحدث بشكل شبه يومي وبمعدل خمسة آلاف سوري شهريا حسب أرقام متطابقة من معبر باب الهوى والداخلية التركية، فمثلا خرج وزير الداخلية التركي قبل أيام بتصريح متلفز يقول فيه إن السوريين اللاجئين في تركيا معظمهم من حلب وهي ضمن الميثاق الملي للأمة التركية فكيف نبعدهم؟! وبالإضافة للطابع القومي لهذا التصريح الذي يعتمد الإطروحة القومية التركية وليس الإسلامية، يخرج الوزير نفسه بعد أيام بصور متلفزة من شمال حلب يعلن تأسيس مشروع لبناء مساكن للسوريين الذين ستتم إعادتهم من تركيا! وقبلها ظهر الرئيس التركي اردوغان ليكرر عبارة المهاجرين والأنصار، ثم عاد وكرر الحديث عن برنامجه الذي أعلنه سابقا بأن حكومته ستعيد مليون سوري من تركيا الى شمال سوريا.
كاتب فلسطيني
القدس العربي