العقلية العرفية في السلطة التشريعية
لقد حكم مجلس النواب ألأردني السادس عشر على نفسه بالإعدام السياسي والشعبي عندما اقر المادة الثلاثة والعشرين من قانون هيئة مكافحة الفساد الذي قيد حرية السلطة الرابعة وأطلق العنان للفساد والمفسدين فأصبح الحديث عن محاربة آفة الفساد ضرب من الخيال وكأن مجلس النواب وبصورة غير مباشرة يقول للفاسدين سيروا على بركة الله ونحن من وراءكم الغطاء القانوني .
وفي المقابل افلح مجلس ألأعيان وهو المجلس الذي يطلق عليه مجلس الملك نظرا لان أعضائه يعينون من قبل جلالة الملك عندما اجل النظر في هذه المادة التي وتـّرت الجسم الصحفي والرأي العام ألأردني فالأعيان نجحوا في إعطاء صورة أكثر إشراقا وانحيازا للديمقراطية على العلم أن كل دول العالم المتقدمة تعتبر الصحافة الرديف ألأساسي لمجلس النواب في المراقبة والتشريع بل أن بعض فقهاء القانون يرون أن الصحافة قد يتجاوز مجالها وطبيعة عملها مجلس النواب ومن هنا استحقت السلطة الرابعة .
حقيقة إذا أراد السادة النواب أن يعرفوا ألان انطباع العالم الخارجي عنهم فعليهم متابعة الصحف العالمية والمواقع الالكترونية الناطقة باللغات المختلفة وكيف نقلت صورة الديمقراطية العرجاء في المملكة وكيف أصبح مجلس النواب يشكل الحجر العثرة أمام مشاريع الإصلاح .
لقد هبط المجلس بصورته أمام قواعده الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني ومختلف التيارات الفكرية عندما منح حكومة سمير ألرفاعي الثقة المطلقة وتارة عندما تلقى المغلفات المالية تحت بند ما يسمى مساعدات الطلاب من قبل حكومة البخيت لصرفها على القواعد الانتخابية كأحد أبواب شراء الذمم وان جاز التعبير الرشوة المقننة
إن الأصل في وظيفة النائب هي الرقابة والتشريع ... الرقابة على عمل السلطة التنفيذية بما ينسجم مع سياسة الوطن والمواطن وتشريع القوانين التي تخدم السياسة العامة وتعمق مناخ الحرية وتعزز الإعلام الحر وتحترم حقوق ألإنسان .
وإذا كان زمن ألأحكام العرفية قد ولى وذهب إلى الجحيم أيصدق ونحن نعيش في لحظات الانفتاح والشفافية والتغيير نحو الأفضل أن نعطي نموذجا عن ألأردن الديمقراطي بالرجوع إلى النفق المظلم والتمترس وراء الترسبات التي أكل وشرب عليها الزمان فقط لإرضاء السلطة التنفيذية على حساب العام للمواطنين .
صحيح أن الحكومات حولت وظيفة النائب الذي لديه جينات مهيأة لذلك إلى رئيس بلدية ولكن على مستوى اكبر من خلال سياسة التوظيف التي تبدأ بمراسل وتنهي بدرجة الوظائف العليا وكوتات الحج حتى انتهى ألأمر بالنائب لان يصبح فقط حلقة الوصل بين من انتخبهم والحكومة التي استغلت هذا الدور ومررت معظم التشريعات من تحت القبة لغايات واعتبارات ذاتية.
لكن ما سبق لا يشفع للنواب تمرير هذه المادة العرفية بل أن طبائع الكبار تفرض على المجلس تقديم الاعتذار العلني للشعب ألأردني والصحافة عل ذلك يزيد من رصيدهم الشعبي الذي وصل إلى مرحلة الحضيض شأنه شأن العجز في الموازنة ألأردنية.