تقرير "سور" يحمل السلطة البحرية مسؤولية مغادرة الباخرة ويبرئ دائرة الجمارك

المدينة نيوز - اعتبر تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مغادرة الباخرة سور (SUR) المياه الإقليمية الأردنية، التي شكلها رئيس الوزراء عون الخصاونة برئاسة وزير دولة للشؤون القانونية الدكتور إبراهيم الجازي، أن "هناك تقصيرا في عمل العديد من الجهات ذات العلاقة"، موصيا بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة وزير العدل وعضوية رئيس ديوان التشريع والرأي ورئيس ديوان الخدمة المدنية، للتحقيق مع كافة الجهات ذات العلاقة لتحديد مسؤولية العاملين عن مغادرة الباخرة والتزامهم بتنفيذ أحكام القوانين والأنظمة ذات العلاقة بوجه عام.
وقال التقرير إن "عدم اتباع مالك الباخرة، من خلال كابتن الباخرة، للإجراءات السليمة في إخراج باخرته، أدى للإساءة بسمعة ميناء العقبة والحركة الملاحية والخدمات البحرية المقدمة فيه".
وأشار إلى أن "واقع عمل مؤسسة الموانئ الحالي يشير إلى عدم تمتعها بصلاحيات على حركة البواخر، سوى بوضعها على جدول حركات البواخر الصادر عن دائرة العمليات في المؤسسة، بعد حصولها على إذن بالإبحار (الكرت الأبيض) من الجمارك الأردنية، وذلك عند انتهاء عملها على الأرصفة أو إعطائها إذن بالدخول على أحد الأرصفة".
وقال التقرير: "تبين للجنة أن هنالك تداخلا في الصلاحيات ما بين مؤسسة الموانئ وشركة ميناء العقبة للخدمات البحرية والسلطة البحرية الأردنية، ما قد ينتج عنه بعض الفجوات في العمل المينائي؛ وبالتالي يحتاج إلى إعادة مراجعة".
وحملت اللجنة مسؤولية التقصير إلى السلطة البحرية الأردنية، وفق التقرير، الذي قال إن "اللجنة ترى أن هنالك تقصيرا في أداء السلطة البحرية الأردنية، كونها المسؤولة قانونيا عن تنظيم أنشطة الملاحة البحرية داخل المياه الإقليمية والرقابة عليها وإصدار تصاريح عدم الممانعة لمغادرة السفن من المياه الإقليمية بموجب قانونها رقم (46) لسنة 2006، وكان يجب على الأفراد المناوبين المعرفة التامة بالإجراءات الواجب اتخاذها في حالة الباخرة سور لتفادي عدم خروجها بهذه الطريقة".
وعزت اللجنة أسباب هذا التقصير إلى "تفويض السلطة البحرية الأردنية لبعض من صلاحياتها إلى شركة العقبة للخدمات البحرية، بموجب مذكرة تفاهم يشوبها النقص والقصور، وحددت فيها مهام الشركة مع إعفائها من المسؤولية المادية والقانونية، وبما لا يتفق مع أحكام قانون السلطة البحرية".
كما عزت اللجنة أسباب التقصير إلى وجود نوع من "تداخل الصلاحيات"، ما بين الشركة ومؤسسة الموانئ والسلطة البحرية الأردنية.
وبين التقرير أن الشخص الوحيد المناوب على برج المراقبة والإرشاد ضابط اتصالات بحري، وكان يتوجب أن يكون هناك شخص مؤهل مناوب على البرج، لتقدير مدى خطورة وضع الباخرة والإجراء السليم المفروض اتخاذه في مثل هذه الحالات، مثل إرسال قاطرة مع مرشد لمساعدة الباخرة كون الكابتن أبلغهم أن مخطاف الباخرة مقطوع، وأن الباخرة تندفع باتجاه الشمال نحو الشاطئ، إضافة إلى عدم درايته بالإجراءات الواجب اتباعها عند حدوث خرق أو انتهاك معين في إجراءات دخول وخروج وتموضع السفن داخل المرسى والمياه الإقليمية.
وحملت اللجنة شركة العقبة للخدمات البحرية كذلك مسؤولية التقصير، وقالت: "ترى اللجنة أن هنالك تقصيرا في أداء شركة العقبة للخدمات البحرية، كونها مسؤولة عن كافة الحركات المينائية داخل المياه الإقليمية، وكان يجب على الأفراد المناوبين اتخاذ إجراءات تمنع خروج الباخرة بهذه الطريقة".
وعزت اللجنة أسباب هذا التقصير إلى "ضعف" مذكرة التفاهم الموقعة ما بين السلطة البحرية وشركة العقبة للخدمات البحرية، والتي تحدد مهام الشركة دون تحمل أية مسؤولية حقيقية أو مالية، ووجود نوع من تداخل الصلاحيات ما بين الشركة ومؤسسة الموانئ والسلطة البحرية الأردنية، إضافة إلى نقص في الكادر الموجود (المناوب)، وتحديدا في عدد المرشدين، حيث كان هنالك مرشد واحد مكلف بقضية إرشاد مع شركة ميناء الحاويات حين ورود طلب إعادة التموضع من قبل الباخرة "سور" ولم يتم الاتصال بالمناوب الآخر الموجود في منزله.
وأشار التقرير إلى أن كابتن الباخرة "سور" طلب إعادة التموضع داخل المرسى، كون الباخرة تنحرف باتجاه الشمال نحو الشاطئ بداعي أنه فقد المخطاف كونه مقطوعا من الأسفل.
وأوضح أنه كان على الطاقم المناوب للشركة التأكد من صحة ادعاء الكابتن، لا سيما وأن حالة الطقس (سرعة الريح واتجاهها) المسجلة في تلك الليلة كانت شمالية إلى شمالية شرقية خفيفة السرعة ولم تكن ستؤدي إلى انقطاع المرساة أو تحريك الباخرة شمالا بل على العكس، إذا كان هنالك حركة فستكون باتجاه الجنوب أو الجنوب الغربي.
وقال إنه "على فرض أن ادعاء كابتن الباخرة كان صحيحا (أي أن المرساة مقطوعة والباخرة تتحرك شمالا باتجاه الشواطئ)؛ ففي هذه الحالة تعتبر الباخرة في حال خطر كان من المفروض إرسال قاطرة إنقاذ مع مرشد لتصحيح تموضعها ومنع وقوع حوادث وتحقيق مكسب مادي للشركة، يصل إلى ما يزيد على خمسة آلاف دينار أردني بالساعة".
وفيما يتعلق بالقوة البحرية الملكية الأردنية، رأت اللجنة "أن هناك عدم وجود تنسيق مع كافة المؤسسات والشركات التي تعمل في تنظيم وإدارة العمل المينائي في خليج العقبة وافتقار القوة البحرية الملكية لبعض التجهيزات اللازمة لأداء عملها على أكمل وجه، مثل الرادارات وأجهزة الاتصال والتعقب الليلي".
وأخلت اللجنة مسؤولية الجمارك، إذ بين التقرير أنه "لم يكن للجمارك الأردنية دور في خروج الباخرة "سور" بهذه الطريقة".
بيد أنه أوضح أن "السماح لشركة الديرة التجارية بتنظيم بيان جمركي بتاريخ 24 /8 /2011، رغم أن نتائج الفحص الحسي بتاريخ 16 /8 /2011، ونتائج الفحص المخبري الصادرة بتاريخ 21 /8/ 2011 والصادرة جميعها عن وزارة الزراعة، كانت تفيد بأن الذرة الصفراء الموجودة على الباخرة "سور" غير مطابقة للمواصفات الأردنية، من أسباب التقصير".
وبين التقرير أن "عدم تطبيق الجمارك لصلاحياتها المخولة لها بالقانون، من حيث إجبار مالك الباخرة على تنظيم بيان جمركي أصولي عن طريق ممارسة صلاحياتها بإتلاف البضاعة، دفع لبقاء الباخرة لمدة طويلة دون أن يكون عليها أي حجز قانوني، وكان بالإمكان تفعيل الصلاحيات الممنوحة لمدير الجمارك بموجب قانونها، لا سيما المادة 75 (ج) منه، لافتا إلى أن هناك مخاطبات لمدير عام الجمارك تطلب منه ممارسة صلاحياته المخولة له بقانون الجمارك.
وقال التقرير: "تبين أن لمؤسسة الديرة معاملات مشابهة في السابق، من حيث إحضار ذرة تالفة وغير مطابقة للمواصفات، ما أدى إلى الإساءة لسمعة ميناء العقبة وعمليات النقل البحري فيه، كما أدى إلى الإساءة لسمعة المملكة الأردنية الهاشمية".
وأوصى التقرير بـ"متابعة السلطة البحرية إجراءاتها القانونية بالتبليغ عن الباخرة "سور" ومالكها، وفقا للمادة (4) من نظام تنظيم دخول السفن إلى المياه الإقليمية الأردنية رقم (109) لسنة (2009)، واتخاذ الإجراءات المناسبة، بما في ذلك دراسة إمكانية منع كافة البواخر العائدة للسادة شركة "هيسار شيبنج تريدينج" (.Hisar Shipping Trading and IND. CO. INC) من دخول المياه الإقليمية الأردنية، ووضع الباخرة "سور" وقبطانها وطاقمها على القائمة السوداء ومنعهم من الدخول للمياه الإقليمية الأردنية على أي باخرة أخرى ولأي شركة كانت، ضمن الاتفاقيات الدولية والمذكرات المعمول بها، لا سيما مذكرة البحر الأحمر ومذكرة البحر الأبيض المتوسط".
كما أوصى التقرير بـ"تحويل ملف مؤسسة الديرة التجارية إلى هيئة مكافحة الفساد للنظر فيه، حيث لم تكن هذ المرة الأولى التي تثور فيها إشكالات بشأن الشحنات الواردة للمؤسسة والتحقيق في ملف هذه المؤسسة والتحقق من عدم وجود شبهات في العلاقة ما بين المؤسسة وأي من العاملين في الجهات ذات العلاقة".
كما أوصى التقرير بـ"تزويد القوة البحرية الملكية ببعض التجهيزات اللازمة لأداء عملها على أكمل وجه، وتحويل هذا الموضوع لرئيس هيئة الأركان المشتركة، لاتخاذ الإجراءات المناسبة التي تدعم دور القوة البحرية الملكية في منع تكرار مثل هذا الحادث مستقبلا".
وشدد التقرير على أهمية إعطاء القضايا المتعلقة بالسفن صفة الاستعجال، ودراسة إمكانية إنشاء محكمة بحرية ذات صلاحيات للبت بأي إشكالية وحلها بأسرع وقت ممكن، إضافة إلى رفع كفاءة الكادر الفني العامل على برج المراقبة في الميناء الشمالي وتعيين كوادر متخصصة ومؤهلة.
وأوصى التقرير بـ"تشكيل لجنة برئاسة أحد الوزراء وعضوية مندوبين عن وزارة النقل وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وديوان التشريع والرأي، لدراسة التداخل الحاصل في صلاحيات النقل البحري والفصل التام ما بين دور المنظم والمشغل، بما فيها شركة تطوير العقبة، ومؤسسة الموانئ، وشركة العقبة للخدمات البحرية، والسلطة البحرية الأردنية، والقوة البحرية الملكية الأردنية ونقابة ملاحة الأردن، وتقديم توصياتها بذلك وبما يضمن سلاسة وسلامة الإجراءات المتبعة".(الغد)