أموال العمال ومؤسستهم يا جلالة الملك..
تم نشره السبت 17 كانون الأوّل / ديسمبر 2011 03:51 مساءً
موسى الصبيحي
•
أحب كمواطن أردني وكاتب صحافي أن ألجأ إلى سيد البلاد مباشرة عندما أشعر بأن ثمّة خطراً محدقاً بالوطن من أي شكل، أو حين أرى أن الجهات المسؤولة تركب رأسها ولا تريد أن تستمع إلاّ لصوتها فقط، وهذا ما يحصل حالياً في حديث الحكومة وتوجّهاتها في موضوع هيكلة الرواتب والعلاوات للقطاع العام، فهناك خلط كبير في الموضوع، ولغط أكبر، فالأهداف المعلنة لهذا المشروع نبيلة، فلا أحد ضد العدالة ولا أحد ضد تحسين معيشة الموظف العام، إذْ ثمّة ظلم كبير لحق بشريحة واسعة من موظفي القطاع العام لسنوات طوال، بسبب هزالة رواتبهم، والعدالة تقتضي وضع برامج للإرتقاء بهذه الرواتب تدريجياً بحيث تضمن الحكومات، وهذا من واجبها، أنها قادرة على توفير الحياة الكريمة للموظف وأسرته..
إلى هنا والموضوع مقبول، كما أنه مقبول من ناحية تقليص الفجوة بين موظفي الدوائر والوزارات من جهة، وموظفي المؤسسات المستقلة من جهة أخرى، لكن هنا لا بد أن نفرق بين مؤسسات كانت وليدة اجتهادات خاطئة تماماً، وبدأت الحكومات تعترف بذلك، فشرعت بلملمتها دمجاً وإلغاءً بعد أن استشرت في الدولة كالسرطان، وبدا بعضها كإمبراطوريات، يحكمها أباطرة مُحصّنون، يغردون خارج ولاية الدولة، واستنزفت من الخزينة العامة مليارات الدنانير، دون أن يتكافأ ذلك مع الخدمة التي تُقدمها أو القيمة المضافة التي تؤديها للوطن، وبين مؤسسات عريقة أُنشئت لأغراض عظيمة وخدمات جُلّى، وحملت عن الدولة ولا تزال عبئاً كبيراً، كان من الصعب على الحكومات تحمّله، ومنها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي أرادها الراحل الكبير الحسين طيب الله ثراه، مظلة لعمال الأردن في القطاعين العام والخاص، تحميهم وتحافظ على حقوقهم وتنشر الطمأنينة في نفوسهم، وتضمن لهم مستقبلاً آمناً بعيداً عن الفقر والحاجة عندما يفقدون القدرة على الكسب، أو يبلغون سن التقاعد، أو يتعرضون لأي من المخاطر الاجتماعية اقتصادياً أو فسيولوجياً.. وقد أُنشئت هذه المؤسسة سنة 1978، ومنذ ذلك الوقت وهي تقوم بأداء رسالتها في توفير الحماية الاجتماعية للأجيال من بناة الوطن من عمال ومستخدمين وموظفين، وتؤدي دوراً مهماً في خدمة الاقتصاد الوطني، ولم تكلّف الخزينة العامة فلساً واحداً طيلة مسيرتها البالغة حتى الآن (33) عاماً، بل هي، بموجب قانونها، تموّل نفسها بنفسها، تشغيلاً وضماناً واستثماراً وحمايةً لعمال الأردن، وقد وصل حجم نظامها التأميني حالياً إلى مليون ومائتي ألف شخص ما بين مؤمن عليه ومتقاعد ووريث مستحق، والعدد في تنامِ مستمر، وتقوم حالياً بتنفيذ برامج وطنية ضخمة لتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية وتوجيه خططها وبرامجها لمساعدة الدولة في معالجة قضايا الفقر والبطالة بصورة عملية، كما أن حجم استثماراتها يصل إلى خمسة مليارات دينار، تُستثمر بحصافة في أهم مفاصل الاقتصاد الأردني وقطاعاته الحيوية..
وهذه المؤسسة يا سيد البلاد، شأنها شأن مؤسسات وهيئات الضمان والتأمينات الاجتماعية في العالم لا تستطيع أن تعمل بكفاءة إلاّ في إطار الاستقلالية المالية والإدارية، وإن أي انتقاص من استقلاليتها، وهي استقلالية مسؤولة وضمن حدود الولاية العامة للحكومات، لأنها تُدار من خلال الشركاء الاجتماعيين الثلاثة: ممثلي العمال، وممثلي أصحاب العمل، وممثلي الحكومة، ولها أنظمتها ولوائحها الخاصة، وهي ليست مؤسسة حكومية بالمعنى الرسمي، وإنْ كانت ذات نفع عام، كما أن لها موازنتها المستقلة تماماً عن موازنة الحكومة، ولا تدخل أموالها في الخزانة العامة للدولة.. لأنها أموال الناس والعمال، تُردّ إليهم على شكل رواتب تقاعدية ورواتب عجز ووفاة ونفقات تأمينية وعلاجات إصابات عمل وتعويضات وبدلات إجازة أمومة وتعطل وغيرها، كما أن قانونها "قانون الضمان الاجتماعي " نص على إعطاء الصلاحية لمجلس إدارتها الثلاثي التمثيل "من ضمنه ممثلو الحكومة " لوضع هيكلها التنظيمي ووصف الوظائف والمسؤوليات فيها، إضافة إلى اقتراح الأنظمة المالية والإدارية والفنية التي تحكم عملها وتنظم مهامها ووظائفها. وإن الانتقاص من استقلاليتها سوف يشوّه ما جرى عليه العرف والتشريع عربياً ودولياً في إدارة مثل هذه المؤسسات، ويُقلل من مكانتها ودورها..!!
سيد البلاد: هناك إصرار حكومي حالياً على التدخل في شؤون هذه المؤسسة من خلال شمولها بمشروع هيكلة رواتب وعلاوات القطاع العام وإدخالها ضمن منظومة المؤسسات التابعة للخدمة المدنية، ما يشكّل اعتداءً صارخاً على قدسية استقلالية هذه المؤسسة، ويؤدي إلى إعاقة عملها، وإضعاف كفاءتها في خدمة الوطن وعمال الوطن والاقتصاد الوطني والتقليل من دورها في توفير الحماية الاجتماعية بشكل كبير جداً، وهو أمر قد يدفع ثمنه المجتمع بأسره مستقبلاً، ولا نريد أن يأتي ذلك الوقت الذي تندم فيه الحكومات على تدخلها في عمل هذه المؤسسة بالصورة التي تنتقص من دورها ومسؤولياتها وإدارتها لأموال العمال، ولن يفيد الندم إذّاك..!!
لا نقول هذا الكلام حرصاً على حقوق موظفي مؤسسة الضمان على أهمية ذلك، وهي حقوق معقولة قياساً مع مؤسسات مثيلة تماماً، وربما أقل بدرجات، ولكن لا نريد أن يُسجّل على أية حكومة أنها تدخّلت في شؤون هذه المؤسسة العريقة، فالحكومة تشارك في إدارة المؤسسة، من خلال ممثليها في مجلس إدارتها البالغ عددهم سبعة أعضاء من خمسة عشر عضواً، وهذا يكفي، ومن الأفضل أن تكتفي بممثليها في المجلس، وأن تثق بقدراتهم وكفاءتهم في إدارتها مع الشركاء الآخرين من القطاع الخاص من ممثلي العمال وأصحاب العمل، وهي رقيب على أدائهم ولكن دون أي تدخّل..
سيد البلاد: في أوقات الأزمات الاقتصادية والمالية، تستدعي الدول أدوار مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية لتعزيزها ودعم استقلاليتها بهدف تمكينها من تقديم مستوى حماية اجتماعية أفضل وأوسع حتى لا تنزلق شرائح جديدة من المجتمع إلى ما دون خط الفقر.. ولعل في توفير برامج ضمان اجتماعي كفؤة مستدامة مالياً ومستقلة إدارياً ما يمنح الحكومات فرصاً أكبر لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية كما تقول دراسات وأدبيات وفلسفات وتجارب الضمان الاجتماعي الدولية..
سيد البلاد: لأجل ذلك كله، وحرصاً على أموال العمال وتنميتها واستثمارها بكفاءة لصالحهم، وحرصاً على تعزيز الثقة بقدرات مؤسسة الضمان الاجتماعي ودورها ومكانتها، وهي مؤسسة الناس وعمال الأردن.. نلتمس من جلالتكم أن تكفّ يد الحكومة عنها، فشبح الهيكلة، يشي بأن ثمة ما هو أكبر في الطريق، وإن القادم لمخيف ومرعب وأثيم.. وقد سَأَلَنا كثيرون: ألم يبق إلاّ الضمان لتتدخّل في شؤونه الحكومات.. وأنت يا حكومة القاضي الحكيم: دعي الضمان وشأنه، فمن الغبن مقارنته بمؤسسات طارئة كلّفت الخزينة ودافع الضرائب الكثير الكثير ولم تقدّم أية إضافة حقيقية للوطن.. أما الضمان فمؤسسة ضاربة في الإيجابية والعراقة وخدمة الإنسان.. ولم يدخل خزينتها فلس واحد من خزينة الدولة.. وعندما يصرّ وزير تطوير القطاع العام على شمول الضمان بالهيكلة الخدمة المدنية وتوافقه الحكومة على ذلك، فهذا يعني أن حكماً بالقتل البطيء قد صدر على مؤسسة الناس ومؤسسة عمال الأردن، وقد لايدرك الكثيرون خطورة ما نقول في هذه اللحظة..
بقي أن أقول لجلالة الملك، الذي نلوذ إليه في الملمّات، بأنه عندما لا يكون لدينا مسؤولون بحجم المسؤولية وعلى قدرها، وعندما يحمل الحقيبة أناس لا يملكون الرؤية، تظهر الندوب والفقاقيع والدمامل في أجزاء مختلفة من جسم الدولة، فتفقد الدولة هيبتها.. وقد نتكلّف الكثير في علاج الندوب والشروخ التي خلقتها، وكما في الحكمة فإن الوقاية خير من العلاج.. ونحن أحوج ما نكون إلى الوقاية.. لأن كلفة العلاج كبيرة، يتحملها دافع الضريبة، ويتحملها ذلك المواطن القابض على جمر عيشة قاسية تحت الصفيح..!!
أحب كمواطن أردني وكاتب صحافي أن ألجأ إلى سيد البلاد مباشرة عندما أشعر بأن ثمّة خطراً محدقاً بالوطن من أي شكل، أو حين أرى أن الجهات المسؤولة تركب رأسها ولا تريد أن تستمع إلاّ لصوتها فقط، وهذا ما يحصل حالياً في حديث الحكومة وتوجّهاتها في موضوع هيكلة الرواتب والعلاوات للقطاع العام، فهناك خلط كبير في الموضوع، ولغط أكبر، فالأهداف المعلنة لهذا المشروع نبيلة، فلا أحد ضد العدالة ولا أحد ضد تحسين معيشة الموظف العام، إذْ ثمّة ظلم كبير لحق بشريحة واسعة من موظفي القطاع العام لسنوات طوال، بسبب هزالة رواتبهم، والعدالة تقتضي وضع برامج للإرتقاء بهذه الرواتب تدريجياً بحيث تضمن الحكومات، وهذا من واجبها، أنها قادرة على توفير الحياة الكريمة للموظف وأسرته..
إلى هنا والموضوع مقبول، كما أنه مقبول من ناحية تقليص الفجوة بين موظفي الدوائر والوزارات من جهة، وموظفي المؤسسات المستقلة من جهة أخرى، لكن هنا لا بد أن نفرق بين مؤسسات كانت وليدة اجتهادات خاطئة تماماً، وبدأت الحكومات تعترف بذلك، فشرعت بلملمتها دمجاً وإلغاءً بعد أن استشرت في الدولة كالسرطان، وبدا بعضها كإمبراطوريات، يحكمها أباطرة مُحصّنون، يغردون خارج ولاية الدولة، واستنزفت من الخزينة العامة مليارات الدنانير، دون أن يتكافأ ذلك مع الخدمة التي تُقدمها أو القيمة المضافة التي تؤديها للوطن، وبين مؤسسات عريقة أُنشئت لأغراض عظيمة وخدمات جُلّى، وحملت عن الدولة ولا تزال عبئاً كبيراً، كان من الصعب على الحكومات تحمّله، ومنها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي أرادها الراحل الكبير الحسين طيب الله ثراه، مظلة لعمال الأردن في القطاعين العام والخاص، تحميهم وتحافظ على حقوقهم وتنشر الطمأنينة في نفوسهم، وتضمن لهم مستقبلاً آمناً بعيداً عن الفقر والحاجة عندما يفقدون القدرة على الكسب، أو يبلغون سن التقاعد، أو يتعرضون لأي من المخاطر الاجتماعية اقتصادياً أو فسيولوجياً.. وقد أُنشئت هذه المؤسسة سنة 1978، ومنذ ذلك الوقت وهي تقوم بأداء رسالتها في توفير الحماية الاجتماعية للأجيال من بناة الوطن من عمال ومستخدمين وموظفين، وتؤدي دوراً مهماً في خدمة الاقتصاد الوطني، ولم تكلّف الخزينة العامة فلساً واحداً طيلة مسيرتها البالغة حتى الآن (33) عاماً، بل هي، بموجب قانونها، تموّل نفسها بنفسها، تشغيلاً وضماناً واستثماراً وحمايةً لعمال الأردن، وقد وصل حجم نظامها التأميني حالياً إلى مليون ومائتي ألف شخص ما بين مؤمن عليه ومتقاعد ووريث مستحق، والعدد في تنامِ مستمر، وتقوم حالياً بتنفيذ برامج وطنية ضخمة لتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية وتوجيه خططها وبرامجها لمساعدة الدولة في معالجة قضايا الفقر والبطالة بصورة عملية، كما أن حجم استثماراتها يصل إلى خمسة مليارات دينار، تُستثمر بحصافة في أهم مفاصل الاقتصاد الأردني وقطاعاته الحيوية..
وهذه المؤسسة يا سيد البلاد، شأنها شأن مؤسسات وهيئات الضمان والتأمينات الاجتماعية في العالم لا تستطيع أن تعمل بكفاءة إلاّ في إطار الاستقلالية المالية والإدارية، وإن أي انتقاص من استقلاليتها، وهي استقلالية مسؤولة وضمن حدود الولاية العامة للحكومات، لأنها تُدار من خلال الشركاء الاجتماعيين الثلاثة: ممثلي العمال، وممثلي أصحاب العمل، وممثلي الحكومة، ولها أنظمتها ولوائحها الخاصة، وهي ليست مؤسسة حكومية بالمعنى الرسمي، وإنْ كانت ذات نفع عام، كما أن لها موازنتها المستقلة تماماً عن موازنة الحكومة، ولا تدخل أموالها في الخزانة العامة للدولة.. لأنها أموال الناس والعمال، تُردّ إليهم على شكل رواتب تقاعدية ورواتب عجز ووفاة ونفقات تأمينية وعلاجات إصابات عمل وتعويضات وبدلات إجازة أمومة وتعطل وغيرها، كما أن قانونها "قانون الضمان الاجتماعي " نص على إعطاء الصلاحية لمجلس إدارتها الثلاثي التمثيل "من ضمنه ممثلو الحكومة " لوضع هيكلها التنظيمي ووصف الوظائف والمسؤوليات فيها، إضافة إلى اقتراح الأنظمة المالية والإدارية والفنية التي تحكم عملها وتنظم مهامها ووظائفها. وإن الانتقاص من استقلاليتها سوف يشوّه ما جرى عليه العرف والتشريع عربياً ودولياً في إدارة مثل هذه المؤسسات، ويُقلل من مكانتها ودورها..!!
سيد البلاد: هناك إصرار حكومي حالياً على التدخل في شؤون هذه المؤسسة من خلال شمولها بمشروع هيكلة رواتب وعلاوات القطاع العام وإدخالها ضمن منظومة المؤسسات التابعة للخدمة المدنية، ما يشكّل اعتداءً صارخاً على قدسية استقلالية هذه المؤسسة، ويؤدي إلى إعاقة عملها، وإضعاف كفاءتها في خدمة الوطن وعمال الوطن والاقتصاد الوطني والتقليل من دورها في توفير الحماية الاجتماعية بشكل كبير جداً، وهو أمر قد يدفع ثمنه المجتمع بأسره مستقبلاً، ولا نريد أن يأتي ذلك الوقت الذي تندم فيه الحكومات على تدخلها في عمل هذه المؤسسة بالصورة التي تنتقص من دورها ومسؤولياتها وإدارتها لأموال العمال، ولن يفيد الندم إذّاك..!!
لا نقول هذا الكلام حرصاً على حقوق موظفي مؤسسة الضمان على أهمية ذلك، وهي حقوق معقولة قياساً مع مؤسسات مثيلة تماماً، وربما أقل بدرجات، ولكن لا نريد أن يُسجّل على أية حكومة أنها تدخّلت في شؤون هذه المؤسسة العريقة، فالحكومة تشارك في إدارة المؤسسة، من خلال ممثليها في مجلس إدارتها البالغ عددهم سبعة أعضاء من خمسة عشر عضواً، وهذا يكفي، ومن الأفضل أن تكتفي بممثليها في المجلس، وأن تثق بقدراتهم وكفاءتهم في إدارتها مع الشركاء الآخرين من القطاع الخاص من ممثلي العمال وأصحاب العمل، وهي رقيب على أدائهم ولكن دون أي تدخّل..
سيد البلاد: في أوقات الأزمات الاقتصادية والمالية، تستدعي الدول أدوار مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية لتعزيزها ودعم استقلاليتها بهدف تمكينها من تقديم مستوى حماية اجتماعية أفضل وأوسع حتى لا تنزلق شرائح جديدة من المجتمع إلى ما دون خط الفقر.. ولعل في توفير برامج ضمان اجتماعي كفؤة مستدامة مالياً ومستقلة إدارياً ما يمنح الحكومات فرصاً أكبر لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية كما تقول دراسات وأدبيات وفلسفات وتجارب الضمان الاجتماعي الدولية..
سيد البلاد: لأجل ذلك كله، وحرصاً على أموال العمال وتنميتها واستثمارها بكفاءة لصالحهم، وحرصاً على تعزيز الثقة بقدرات مؤسسة الضمان الاجتماعي ودورها ومكانتها، وهي مؤسسة الناس وعمال الأردن.. نلتمس من جلالتكم أن تكفّ يد الحكومة عنها، فشبح الهيكلة، يشي بأن ثمة ما هو أكبر في الطريق، وإن القادم لمخيف ومرعب وأثيم.. وقد سَأَلَنا كثيرون: ألم يبق إلاّ الضمان لتتدخّل في شؤونه الحكومات.. وأنت يا حكومة القاضي الحكيم: دعي الضمان وشأنه، فمن الغبن مقارنته بمؤسسات طارئة كلّفت الخزينة ودافع الضرائب الكثير الكثير ولم تقدّم أية إضافة حقيقية للوطن.. أما الضمان فمؤسسة ضاربة في الإيجابية والعراقة وخدمة الإنسان.. ولم يدخل خزينتها فلس واحد من خزينة الدولة.. وعندما يصرّ وزير تطوير القطاع العام على شمول الضمان بالهيكلة الخدمة المدنية وتوافقه الحكومة على ذلك، فهذا يعني أن حكماً بالقتل البطيء قد صدر على مؤسسة الناس ومؤسسة عمال الأردن، وقد لايدرك الكثيرون خطورة ما نقول في هذه اللحظة..
بقي أن أقول لجلالة الملك، الذي نلوذ إليه في الملمّات، بأنه عندما لا يكون لدينا مسؤولون بحجم المسؤولية وعلى قدرها، وعندما يحمل الحقيبة أناس لا يملكون الرؤية، تظهر الندوب والفقاقيع والدمامل في أجزاء مختلفة من جسم الدولة، فتفقد الدولة هيبتها.. وقد نتكلّف الكثير في علاج الندوب والشروخ التي خلقتها، وكما في الحكمة فإن الوقاية خير من العلاج.. ونحن أحوج ما نكون إلى الوقاية.. لأن كلفة العلاج كبيرة، يتحملها دافع الضريبة، ويتحملها ذلك المواطن القابض على جمر عيشة قاسية تحت الصفيح..!!