عن "الجرجرة" في المحاكم

- في الثقافة الشعبية الأردنية, يعتبر التقاضي أو مجرد الذهاب الى المحاكم من الأمور غير المرغوبة بغض النظر عن الإدانة أو البراءة المحتملة. وبالأمس مثلاً, أخفت بعض الصحف إسم رئيس الوزراء الذي مَثُل أمام المدعي العام لتقديم شهادته في قضية فساد, واكتفت بالقول: "رئيس وزراء أسبق", أما الصحف والمنابر الاعلامية الأخرى التي أوردت الاسم صريحاً, فقد اعتبرت نفسها جريئة.
يسمي الأردنيون التردد على المحاكم "جرجرة", وقد يتخلّون عن كثير من حقوقهم خشية الوقوع في تلك "الجرجرة", وفي كثير من حالات الخصومة يكتفي صاحب الحق ب¯"جرجرة" خصمه, وقد يعلن مسبقاً أنه لا يريد استعادة حقه وأنه سوف يرضى برؤية هذا الخصم "يتجرجر" في المحاكم.
إن كلمة "مثول" المستخدمة في المحاكم تشفي غليل الأردنيين, ويعتبرونها جزءاً من العقوبة, رغم أنها في الأصل كلمة قانونية محايدة لا تنطوي بحد ذاتها على أية عقوبة, ومن الطريف أن الجهات الرسمية تحمل أحياناً النظرة ذاتها لكلمة "مثول", بدليل عدم الاستجابة لطلب شهادة بعض كبار القوم, خاصة وأن الطرف الآخر يستخدم عبارات مثل: "جبته للشهادة" أو "جابوه للشهادة", ولعلكم تلاحظون إشارات النكاية والتشفي المتضمنة في مثل هذه العبارات, إنها تشير الى مراحل أو تجليات لعمليات "الجرجرة".
اليوم, ومع كثرة حالات نظر المحاكم في قضايا الفساد الكبيرة التي يتهم فيها عدد من كبار القوم, فإن الأردنيين يعيشون لحظات خاصة من الاستمتاع "بجرجرة" خصومهم مع أنهم قد لا ينالون شيئاً آخر غير تلك "الجرجرة".(العرب اليوم )