الإخوان ... والخطة ( ب )
جاءت حكومة الخصاونة بـُعيد تأزم في دوائر صنع القرار حيال الحراك الشعبي , من الاحتواء أو السيطرة عليه , لوجود عدة أطراف لم تلتق ِ بهم الحكومة أو تنظر إلى جموعهم بجدية , إضافة إلى الاحتقان لدى الأغلبية الصامتة من الأوضاع العامة في الأردن , وفي مقدمتها الاقتصادية , واعترافات غير مسبوقة ممن كانوا في موقع القرار بأن الانتخابات النيابية مزورة , والتباطؤ الشديد في دفع عجلة الإصلاح إلى الأمام, والتردد غير المَسوغ في فتح ملفات الفساد , وخاصة تلك المرتبطة بأسماء كبيرة (طبقة الكمبرادور الحقيقية ونهجها النيوليبرالي) , وما حدث في سلحوب , حيث كانت الشعرة التي قصمت ظهر حكومة البخيت , لتحط حكومة الخصاونة في أجواء ترحيبية غير مسبوقة من الإخوان , وقد كانت تحوم الشكوك حول قدوم الخصاونة بأنه اقتراح أمريكي في توليه رئاسة الوزراء الأردنية(وهنا ليس طعناً في شخص دولته) , وذلك بعد مشورة مع الإخوان , وندلل على ذلك , بالترحيب والتهليل ألإخواني قبل تشكيل الخصاونة لفريقه الوزاري , وما ظهر فيما بعد من تزاوج بين التوجه الرسمي الأردني والإخوان في لعب دور أساسي في الملف السوري ومحاولة توفير الدعم الشعبي من خلال الإخوان لهذا التوجه , لاعتقادهم بأنهم يسيطرون أو يقودون الحراك في الشارع , حيث كان الإخوان يعتصمون ويسيرون المسيرات لنصرة الثورة السورية بعيداً عن مطالب الشارع الأردني , وحتى تصريحاتهم كانت في معظمها تصب في هذا الجانب , إضافة إلى إيمان الإخوان أن التغيير في سوريا سيفرض أمراً واقعاً بأن يستجيب النظام الأردني لمطالب الإخوان التي تؤدي إلى وصولهم إلى الأغلبية البرلمانية أو التغيير من خلال ثورة , وهذا ما غفلت عنه الحكومة في بادئ الأمر , وخلال فترة تشكيل الحكومة وما بعد بفترة , غاب الإخوان عن الشارع رغم تصريحات الخصاونة المناوئة للإصلاح بحل مجلس النواب دون استقالة الحكومة , وظروف وضع القوانين المؤقتة , في حين بقي الحراك الشعبي مستمراً في خروجه لإيمانه بأن النهج في تشكيل الحكومات لم يتغير , إضافة إلى منادته بمحاسبة الفاسدين واسترداد المال العام ومؤسسات الوطن وشركاته , وحكومة إنقاذ وطني , تتحمل مسؤولية برنامج وطني توافقي محدد في أُطر زمنية محددة , للانتقال إلى الدولة المدنية بأقل التكاليف بشرياً ومادياً , بعيداً عن سيناريوهات غيرنا من الأشقاء .
عندما تراجعت الأردن عن القبول في الانصياع لقرار الجامعة العربية بحصار سوريا للارتباط الشعبي تجارياً مع المنتج السوري , إضافة إلى وجود تيار يؤمن بالمؤامرة على الدولة السورية , وكذلك سياسياً ستصبح الدولة الأردنية محاصرة , وفاقدة للعمق الاستراتيجي , في ظل رفض دول الخليج انضمام الأردن لناديهم , أخذت الأمور منحى جديد , وتغيير تكتيكي , لتبدأ مرحلة جديدة عنوانها التغيير في الأردن سيقود حتماً إلى التغيير في سوريا , وكذلك الخليج يتبع , بدلالة التسجيل الصوتي عن نوايا قطر في لعب دور بالتغيير في السعودية .
المراقب للحدث في الأردن سيجد أن التصعيد ألإخواني يقع ضمن وتيرة تصاعدية , وما ذهب إليه الإخوان في مخططهم القادم , هو توزيع أدوار محددة لأشخاص وجماعات يكون لها فعل ميداني وإعلامي , ولكن بعيداً عن القيادة المركزية , وهذا ما لمسناه من بيان شبيبة الإخوان , فقد تنصلت القيادة من مسؤوليتها أو علمها في البيان ومضمونه , ونفت أن يكون نابع عن توجهات مرتبطة بقيادتهم , وهي مشابهة عندما تنصل الإخوان سابقاً من هتافات ساخنة في عمان أثناء إحدى المسيرات .
الارتباط بالقرار الجمعي للإخوان في المنطقة والمدعوم من أمريكا وبإدارة قطرية إعلامياً ومادياً , وتسابق الإخوان في إرضاء أمريكا بالحفاظ على وجود الكيان الصهيوني وأمنه , والتمسك بالاتفاقيات الثنائية وعدم العداء .
في الأردن تراجع الإخوان عن إسقاط وادي عربة كشعار في مسيراتهم , فكانت البداية بإعلانهم الإسقاط بالتقسيط , وهذه كانت إشارة أو رسالة موجهة إلى التحالف الأمريكي الصهيوني , وهو عدم الخوف من إخوان الأردن , وقد كان لقاءات مع قيادات الإخوان الإقليمية والأمريكان والأتراك , وهذا ما جعل أمراً واقعاً جديداً بإعادة صياغة تنظيم حماس المرتبط بإخوان الأردن عضوياً ومطالبتهم الحكومة الأردنية باحتضان حماس على أراضيها , وهي رغبة أمريكية ودور تنفيذي قطري , لإبعاد هذا التنظيم عن معسكر الممانعة , من أجل احتوائهم ودمجهم في المشروع الإقليمي القادم .
التفاهمات بين الإخوان والخصاونة واضحة وجلية في كثير من السيناريوهات منها ما ذكر عن حماس وإعادة جمعية المراكز الإسلامية , وحتى أن التصعيد الذي يجري قد يدخل في نفس الجانب والسبب أن الحراك الشعبي البعيد عن الإخوان قد تطور على شكل تيار , فرض رؤيته في الشارع , ومطلقاً مخاوفه على الدولة, وفي بعض المناطق تم تحييد الإخوان عن قيادة الشارع , وهذا ما لا تريده الحكومة , بل تريد إسباغ الحراك وربطه بالإخوان لتكون الصفقة أسهل , فكانت موقعة المفرق المفتعلة إخوانياً وحكومياً , وبشكل دقيق ومنظم , لأن ما سيتبع هذه الغزوة هو التخوف وبالتالي ابتعاد الكثير عن الخروج إلى الشارع خوفاً من الدخول في الفوضى , أو بالتعاطف مع الإخوان ومؤازرتهم لجعل كل الحراك ينطوي تحت قيادتهم , وهذا ما فشلت في تحقيقه في الجمعة التالية في عمان .
ولكن ما لم تحسب الحكومة حسابه , ويعلمه الحراك , أن الإخوان مرتبطين بقرار إقليمي إخواني وتفاهم أمريكي , مما يعطيهم الأفضلية على الحكومة في ظل عدم توافق ما يقدم من الخصاونة لهم , وبالتالي سيلجئون إلى خطتهم البديلة من فرض الأمر الواقع على الدولة والتعجيل بإصدار قانون الانتخاب الذي يرضيهم ويحقق طموحهم , ويخدمهم في تعجيل التغيير في سوريا , لذلك سيلجأ الإخوان إلى زيادة وتيرة التصعيد وقد تصل إلى المواجهة وبالتالي العنف والاقتتال لتحقيق طموحهم في استلام السلطة .
والسؤال الآن ما هو الحل للخروج بالوطن من سيناريوهات الفوضى ..؟!!
الكرة في ملعب النظام.....!!!
إن ما يخدم تحقيق الإصلاح والخروج من المأزق إلى الدولة المدنية الحديثة , هو قيام المؤتمر الوطني الأردني بأطيافه كافة , وبالترافق مع تشكيل حكومة إنقاذ وطني تحمل مخرجات المؤتمر لتحقيقها ضمن أُطر زمنية محددة , فننتقل إلى اللحظة الآمنة , بعيداً عن كل السيناريوهات الموضوعة والمصبوغة بالدم والعنف .
ما هو المطلوب من الإخوان في الأردن..؟!!!
معنيون الإخوان بالمصارحة والكشف عن خطابهم السياسي وما يتضمن من برامج قابلة للتطبيق , ومدى الالتقاء مع الحراك الشعبي في عناوينه الرئيسة , كملف الفساد والهوية الوطنية الأردنية والعدالة الاجتماعية وإصلاح سياسي يخدم الشعب الأردني بعيداً عن التبعية للتحالف الأمريكي الذي يحافظ على آمان الكيان الصهيوني .
الإخوان حتى هذه اللحظة ضبابيون في رؤيتهم وعدم الوضوح , وعناوينهم متلونة ومتغيرة حسب معطيات الشارع الأردني والمتغيرات في المنطقة , لذلك يتوجب على الإخوان كمناضلين لتداول السلطة من إظهار رؤيتهم وأن تكون قابلة للتطبيق وتحقق للمواطن ما كان يفتقده عند غيرهم , نابعة من مرجعيته التي يدعي وهي الشعب الأردني .
ونسأل هل الإخوان قادرين على تطوير رؤاهم لتتوافق مع تطلعات الشارع الأردني..؟!!!
وبالتالي سيكون العنف وسيل الدماء هو الرديف الحقيقي لتسلم السلطة..؟!!!