عام 2011 عام العرب

تم نشره الثلاثاء 03rd كانون الثّاني / يناير 2012 12:03 صباحاً
عام 2011 عام العرب
رحيّل غرايبة

كان عام (2011م) عاماً عربياً, بكل معنى الكلمة, فقد كانت انتفاضة الشعوب العربية على حكامها, وعلى أنظمة الاستبداد والفساد, محل تقدير العالم اجمع, واستطاعت انتفاضة الشعوب العربية بمسارها ولونها وأدواتها ومضمونها ونتائجها أن تحظى بإعجاب الأصدقاء والأعداء على قدر سواء, وكانت حدثاً بارزاً بشكله وجوهره ليغطّي على كل أحداث العالم الكبيرة والصغيرة, وأصبحت أخبار (انتفاضة العرب) في كل صحيفة, وعلى كل شاشة فضائية عالمية, وكانت انجازات الثورات العربية ونتائجها وتطوراتها تتصدر أخبار العالم.

لقد استطاعت (انتفاضة العرب) أن تعيد الوزن الأممي للعرب على خارطة العالم وتبشر بمرحلة جديدة قادمة تكون امة العرب قد احتلت فيها مكانة مرموقة على صعيد السباق الحضاري, وفي حلبة التنافس على صعيد الانجازات الثقافية والفكرية والمادية, بعد فترة من السبات والارتكاس, غاب فيها العقل العربي عن حلبات السباق والتنافس, وانزوى العرب في حقبة مظلمة بائسة بفعل الأنظمة العربية الفاسدة التي استولت على الحكم بغير إرادة الجماهير, واستخدمت كل وسائل القمع والكبت لشعوبها, ومارست كل صنوف التغييب لشعوبها عن فهم واقعها المحلي والإقليمي والعالمي, وضربت أسواراً من الجهل والانحطاط والرعب والتخويف حولها, لشل فاعليتها وعدم قدرتها على ممارسة دورها الإنساني بحده الأدنى.

لقد ارتكبت الأنظمة العربية جريمة كبرى بحق شعوبها, فلم تكتف بالاستعباد والاستغفال, ونهب المقدرات, وتبديد الثروات, بل عملت على إرساء معالم الفرقه بين مكونات الأمة, وغذت النزاعات بكل أشكالها, حتى تبقى تتمتع باستئثار السلطة والحكم بلا منافس ولا منازع, وعملت على شل العقل العربي وخرّبت التعليم, وأعدمت البحث العلمي, وأوجدت فجوة حضارية هائلة بين امة العرب وبقية الأمم, تحتاج لسنوات طويلة وجهود حثيثة مضنية من اجل ردم هذه الفجوة, واستدراك ما فات واللحاق بركب الأمم المتقدمة.

وعندما تجول الأنظار نحو الأمم الأسيوية, فترى مقدار التقدم الذي أحرزته سنغافورة, أو ماليزيا, أو كوريا الجنوبية, فضلاً عن اليابان والهند والصين, لتشهد بناء حضارات أسيوية ناجحة على الصعيد السياسي والديمقراطي, وعلى الصعيد الاقتصادي والإنتاجي وعلى الصعيد الفكري والثقافي والمادي, خلال فترة زمنية قصيرة.

إن ثورة التعبير والإصلاح العربي التي استطاعت الإطاحة برموز الاستبداد وحكم الفرد المطلق في تونس ومصر وليبيا, واليمن وقريباً في سوريا الحبيبة. هي مقدمة لثورة ثقافية شاملة تعيد بناء الأمة العربية, على قيم الحرية والكرامة والإرادة المطلقة وعلى قيم الوحدة والتعاون والمشاركة, وعلى قيم انتفاضة العقل العربي لينطلق من إسار الجوع والخوف والعجز والقصور ويحلق في سماء الإبداع والتطوير والإنتاج والانجاز, من اجل إيجاد جيل عربي جديد قادر على بناء الإطار الفكري الحضاري الذي يستوعب الاختلاف والتعددية السياسية والثقافية والدينية والمذهبية, ويخرج خارج دائرة التقليد والتبعيّة لكل ما هو أجنبي, ويرسم معامل مشروعه الذاتي الأصيل المنبثق من ثقافته وفكره, وتراثه الحضاري الكبير الممتد, ومرجعيته القيميّة النبيلة.

إن الفرصة أمام شباب الأمة وأمام الجيل القادم كبيرة وسانحة, رغم العوائق الداخلية والمخاطر الخارجية, ومحاولات قوى الاستكبار العالمي محاولة الهجوم المعاكس لاستيعاب ثورة العرب العاتية, وإعادة العاصفة المتمردة الى القمقم مرة أخرى, ولكنهم لم ولن تستطيع, لان هذه الأمة تؤمن بعدل الله وقوته وقدرته القادرة على أبطال مكرهم وكيدهم بالليل والنهار.

"ويمكرون ويمكر الله, والله خير الماكرين", "إنهم يكيدون كيدا, وأكيد كيدا".

إن هذا الجيل العربي من الثوار والمنتفضين, قد عزم العزمة وامتطى صهوة الإعصار, وقد أنجز إسقاط رموز الطغيان والقهر والاستبداد, وسوف يمضي في طريق البناء والانجاز, غير ملتفت الى كل أعداء الإصلاح, ولى كل المنتسبين الى أنظمة الفساد والاستبداد, والى كل مخلفات مرحلة الجمود والانحطاط, لا يأبه بالمشككين ولا المرجفين, ولا عقليات المؤامرة, ولا المؤمنين بنظرية الفوضى الخلاقة, ولا الذين يؤلهون الغرب أو الشرق, ولا كل الذين لا يجدون لهم مكان في مشروع المستقبل, فيرجعون الى حضن الأنظمة البائدة ويعزفون على لحن التخويف من مشروع الإصلاح والتغيير ونتائجه ومفرزاته.(العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات