ساعة.. بلا عقارب

تم نشره الأربعاء 04 كانون الثّاني / يناير 2012 03:14 مساءً
ساعة.. بلا عقارب
محاسن الإمام

خلف لهيب النار المستعرة، وأنهار العرق المتصبب من القسمات الكادحة، وفوق أعمدة الكهرباء المحترقة أسلاكها، أو عبر الظلمة المدلهمة، ووسط ورشات المياه والمجاري المتعطلة، و خلف كل ناعقة بحريق أو إسعاف فوري.. وخلف كل ذلك يكمن إنسان لا يختلف عن كل إناس الوجود، إلا في أنه اختار الحياة الأصعب،حياة لا فاصل بين ليلها ونهارها، أو حتى بين عيدها ويومها العادي، فالإنسان القابع أمام فرن الخبز، أو فوق أعمدة الكهرباء والهاتف، أو عامل ورشة المياه والمجاري، أو رجل الإطفاء و الإسعاف... كل هؤلاء أناس فرضت عليهم طبيعة أعمالهم أن يبقوا خلف دواليب العمل حتى في أيام العطل أو الأعياد.

أولئك أيضاً أطفال ونساء العرب الرازحين تحت الآلة الحربية تزمجر أصوات نيرانها وتعبر عيونهم وقلوبهم الصغيرة رُعباً، هذا إن لم تقتحم بيوتهم وتودي بحياة أعز الناس.. الأب.. الأم.. الأخ.. أو ربما تغتالهم وهم في عز نومهم وأحلامهم التي لم تعد وردية.

في عالمنا العربي أصبح كل شيء ممكن ومستباح.. فالأطفال الذين يولدون مع تحرك عقارب الساعة يغادرها آخر.. فهم أصبحوا عقارب الساعة التي تشير إلى معاييرنا وتضبط إنسانيتنا.. فكلنا كنا أطفالاً، نرصد عالم الكبار بعيون بريئة وفرح غامر.

ولكن أطفال اليوم يحصدون جرائر أعمال وشغب وعنف الكبار.. فهم يتكاثرون، والأطفال تحصدهم المجاعة، والكبار يتقاتلون، والأطفال تفرمهم الدبابات، والكبار يتظاهرون بالفرح ويختفون خلف الأقنعة، والأطفال يخنقهم الحزن ويشرقون بالدمع، فلم يعد الفرح فرحاً.. ولا العيد عيداً.

كبر الأطفال وهم صغاراً.. أصبحوا مثقلين بالجراح قبل أن يعرفوا الفرح، شابت قلوبهم من قساة قلوب الكبار، دَعّونا أكثر من مرة لأن نرأف بلين عظامهم و لكننا شحذنا السيوف و غمسناها في ضمائرهم الغضة.. نبهونا أن الحياة لا يمكن أن تستمر بهذا الحقد الأزلي والعنف البشري لكننا أصممنا آذاننا، بعدنا عنهم وعن أحلامهم البريئة، وتركناهم راكضين وراء ما نسميه تحسين الوضع العائلي إقتصادياً.. تغربنا عنهم وأصبحنا نراهم في صور عبر أجهرتنا أو لا نراهم.

كم نحن الكبار قساة، ظالمين... ماذا في جعبتنا بعد من أسلحة دمار شامل لهذه الطفولة العربية.. ألم يكفي قتلاً وإقتتالاً ارحموا طفولتهم واغمدوا سيوفكم فهم يعشقون الحياة.. الحياة المليئة بالورود البرية وشقائق النعمان.. لا صور الدمار والدم و السحل وصوت المدافع والدبابات.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات