قلب العالم وقلب الظلام

- هل ثمة علاقة بين الصراع على قلب العالم وبين عودة ما لعصور الانحطاط والظلام التي غشيت هذه الامة من قبل وبين ما انتهت اليه الانتفاضات الشعبية العربية.
حسب ماكندر وسبيكمان فان منطقة (اورو- آسيا) تشكل قلب العالم ومن يسيطر عليها يسيطر على العالم في صراع ممتد بين الامبراطوريات البرية والبحرية.. وحسب بريجنسكي فان افضل سيناريو امريكي لتطويق قلب العالم والامبراطورية البرية حوله (روسيا ثم الصين) هو الحزام الاخضر (السني) ويفضل ان يكون عثمانيا فكان الجهاد الامريكي ضد الروس في افغانستان بداية لتأسيس هذا الحزام, وكان الانبعاث العثماني الجديد الخطوة التالية لتطويق الصين بعد انهيار موسكو الشيوعية 1990 مضافا لذلك خطرا اقليميا جديدا ومنافسا للمجالات الحيوية الامريكية في حوض النفط الخليجي والاسيوي وهو ايران.
ومع اعادة انتاج الهيمنة الامريكية باشكال جديدة حول قلب العالم, لا بد ايضا من اعادة انتاج التخلف (تطور التخلف) حسب غوندر فرانك ومهدي عامل (نمط الانتاج الكولونيالي) واستحقاقاته الطائفية والعشائرية.
بالتأكيد, فان ما شهده الشارع العربي في الاشهر الاخيرة, ضرورة موضوعية ضد الفساد والاستبداد والطغيان والصهينة والتبعية وليس مؤامرة من احد لكن التاريخ حافل ايضا باشكال مختلفة من سرقة الثورات وخطفها من الثورات المضادة والبرتقالية بل انه ما من ثورة انجزت مهامها حتى الان لا الثورة البرجوازية الديمقراطية في فرنسا والعالم الرأسمالي ولا الثورة الاشتراكية فكيف بالحالة العربية.
والخطير في الحالة العربية ان المسألة لا تتعلق فقط بانظمة الفساد والاستبداد بل بمجمل البنى الاجتماعية للدولة القطرية التي فشلت في نقل المجاميع الطائفية والجهوية والعشائرية الى مجتمع مدني مندمج في هوية جديدة, وظلت الدولة رغم طابعها البيروقراطي, الناظم المركزي الوحيد لهذه المجاميع, فما ان تنهار حتى تعود هذه المجاميع الى حالتها البدائية.
هذا ما لاحظه وادركه الباحثون في دوائر ومطابخ العواصم والمتروبولات الامبريالية الاستعمارية, وربطوا انهيار الانظمة بانبعاثات اجتماعية متضاربة سامة حينا وثورية حينا... وليس بلا معنى محاولات هذه العواصم فسح المجال امام اية انبعاثات طائفية ومذهبية في خدمة الانبعاث العثماني الجديد للغايات المذكورة سابقا.
هكذا تمت وتتم الازاحة يوميا في عواصم الحراك الشعبي العربي على ايقاع استحقاقات الرصاع على قلب العالم. فمن قلب الاستبداد هنا وهناك الى (قلب الظلام) وعبر ماذا.. عبر (العمى الابيض) في صناديق الاقتراع.(العرب اليوم )