ميشيل الحايك و "حصاد الاشواك" !
تم نشره الجمعة 06 كانون الثّاني / يناير 2012 01:05 صباحاً

محمد أبو رمان
في الحديث "كذب المنجمون ولو صدفوا". لست متابعاً للتنبؤات الفلكية، ولا أؤمن بها، لكنني أتمنى ألاّ "تصدف" تكهنات الحايك عن الأردن: "حطب الثورة يتجمع ويتكون في شوارع الأردن، والنتيجة خراب ودمار"!
ثمة قلق شديد لدى أغلب أطياف المجتمع، وبدرجة أكبر لدى النخب السياسية والاقتصادية، ولا يوجد ارتياح لحالة التوتر السياسي والاجتماعي، ولا لبثّ أجواء الرعب في البلاد في سياق ارتفاع حدة اللغة والتشنج في الخطاب السياسي، وحملات التحريض والتعبئة والتجييش وكأنّنا قادمون على "معركة كسر عظم" داخلية!
بالمناسبة، ما نشاهده من ألعاب نارية هنا وهناك، لا يتجاوز عملية "تبادل رسائل" وحربا كلامية بين مراكز قوى في الدولة والمعارضة الإسلامية تحديداً، فالكل يعرف أين ينتهي. والحديث عن "حل جماعة الإخوان" أو التلويح القديم-الجديد به، عبر تسريبات صحفية، محض هراء، وغير مطروح على طاولة أحد، فلم يحدث في الأحكام العرفية، حتى نفكّر فيه في "الربيع الديمقراطي" العربي!
لست أخشى، بصراحة، من أجندة لدى الدولة أو الجماعة، لكن ما أخشاه أنّ هذه "الألعاب السياسية" وحرب التصريحات والتسريبات والتحشيد تؤتي أكلها في مكان آخر، نحصد فيه هذه الأشواك، في أوساط اجتماعية متشنجة تتأثر بما تقرأ وتسمع، وأوساط أخرى مستفزة من التحريض اليومي والاستقواء على الجماعة، ومن صبغ الأزمة بالبعد الإقليمي، فهذه الأوساط لا تملك تقاليد سياسية لحدود اللعبة، ما يجعل أي احتكاك صغير أو مشاجرة عفوية تأخذ أبعاداً كبيرة وتفتح على احتمالات كارثية تؤكّد تكهنات الحايك!
أليس مبكّراً جداً على طرح هذا السيناريو! ما الداعي إلى أن نقف بالمجتمع والبلاد على قدم واحدة ونضع الجميع على "حافة الهاوية"؟! ألا يمكن أن نفكّر في خيارات أكثر هدوءاً وانسيابية لتحقيق الهدف الذي يريده الجميع؛ الإصلاح والتنمية وتطوير المعادلة السياسية في البلاد نحو ديمقراطية حقيقية جوهرية؟!
الدعاية الرسمية تتحدث عن نوايا مبيتة مستترة لدى جماعة الإخوان ليوم (6 كانون الثاني) وما بعده، تستبطن انتقالاً من شعار "إصلاح النظام" إلى "إسقاطه"، ومن العمل السلمي إلى "العنيف"، بأوامر تأتي من "إخوان مصر"، بعد أن "فتحت شهية الجماعة للسلطة" على وقع ما يحدث في سورية أيضاًَ. وساهم في تعزيز هذه الرواية وتخصيبها "التيار اليميني" المعادي للإخوان بقوة.
الإخوان ليسوا أغبياء حتى يذهبوا إلى "سيناريو الانتحار" على أقدامهم، إلاّ أنّ بعض التصريحات والإشارات التي تصدر عن بعض قيادات الجماعة والتلويح بالمفاجآت يخدم هذه الدعاية ولا يضعفها، بالرغم من صدور نفي متكرر من قادة الجماعة.
وفقاً لمصادر الإسلاميين، ليس هنالك أي تغييرات هيكلية على شعاراتهم وسقف مطالبهم السياسية، فهم ما يزالون يصرون على مبدأ إصلاح النظام، وسلمية الحراك، وتجنب الانزلاق إلى الاحتكاكات، بل لم يعد سرّاً أنّ هنالك اختلافات جوهرية داخل الجماعة حول مسيرة الجمعة الماضية والتصعيد السياسي من قبل القيادات، الذي يمنح فرصة ذهبية للخصوم لـ"تصيّد" الجماعة.
حالة الاستقطاب الحالية متعددة الأبعاد، يدخل فيها أكثر من طرف وجهة، لكن التصعيد المتبادل بين أطراف في الدولة (لأنّ الحكومة اليوم هي غايب فيله تماماً) والإسلاميين يقوم على قاعدة صلبة من "انعدام الثقة" والشك بالنوايا، وهي حالة موروثة متراكمة، تحتاج إلى حوار مباشر استراتيجي للتفاهم من جديد على "قواعد اللعبة الديمقراطية" والإجابة عن الأسئلة المتبادلة.
المواطن البسيط الذي يطمح إلى إصلاحات ديمقراطية حقيقية تحد من الفساد وتعزز من مناخ حقوق الإنسان وحرياته وتحسين ظروفه الاقتصادية خارج هذا السجال، لكن نرجو ألا يدفع هو ثمن ذلك! (الغد)