في الطريق لـ«26» من يناير

تم نشره الجمعة 06 كانون الثّاني / يناير 2012 01:11 صباحاً
في الطريق لـ«26» من يناير
عريب الرنتاوي

في الأنباء، أن الأسبوع المقبل سيشهد انعقاد الاجتماع الثاني “للمفاوضات الاستكشافية” في عمان، بين صائب عريقات وإسحق مولكو، تحت الرعاية الأردنية وبحضور وفود الرباعية الدولية، حيث من المقرر أن يعود الجانب الإسرائيلي بتصورات مكتوبة لوجهة النظر الإسرائيلية في ملفي الأمن والحدود، بعد أن كان تلقى وجهة النظر الفلسطينية حول هذين الملفين، في الجولة الأولى لهذه المفاوضات التي انعقدت في عمان الأسبوع الجاري.

بحسابات الربح والخسارة، سجلت إسرائيل فوزاً – لا لبس فيه - على الجانب الفلسطيني، الذي عاد لمائدة المفاوضات دون وقف للاستيطان أو التزام إسرائيلي معلن بمرجعية خط الرابع من حزيران...انفرجت العلاقات الأردنية - الإسرائيلية بعد سنوات ثلاث من الفتور والنفور، وحظيت إسرائيل ببعض الإشادات الدولية التي افتقرت إليها خلال الفترة الماضية... أما الجانب الفلسطيني، فقد عاد ليواجه تحديات الانقسام الداخلي من جديد، فيما صدقية السلطة ومكانتها، تعرضت لواحد من أهم اختباراتها.

لكن ما زال بالإمكان، تدارك ما يمكن تداركه، إن نجح الجانب الفلسطيني في ضرب عصفورين بحجر واحدٍ...عدم المقامرة بتأزيم العلاقات مع عمّان من جهة، وعدم السماح بترك حبل المفاوضات العبثية ممتداً على الغارب من جهة ثانية...في هذا السياق، نفهم أن يكون السادس والعشرون أو نهاية الشهر الجاري، هي خاتمة هذه “المهلة/ الفرصة”، على أن نفرغ بعدها لإنفاذ أجندة المصالحة الوطنية الفلسطينية، من دون إبطاء أو تباطؤ.

في هذا السياق فقط، نأمل أن تكون تصريحات الناطق باسم الفلسطينية قد اندرجت، حين تحدث عن اجتماعات مستمرة مع الجانب الإسرائيلي حتى نهاية الشهر الجاري...ذلك أن “سياسة المهل والأوقات المستقطعة” إن تعدّت هذا التاريخ، تكون السلطة الفلسطينية قد وقعت في فخ الاستدراج الإسرائيلي، وتكون قد “لحست” كل ما طالبت به، وبددت ما راكمته خلال الأشهر الفائتة من رصيد ومكانة، وتكون قد قامرت بما أنجزته على مسار الوحدة والمصالحة.

لن يعود “الخواجا” مولكو بإجابات إسرائيلية واضحة ومحددة، سيعود بأنصاف وأرباع إجابات...سيعود بأوراق ومواقف شفهية، محمّلة بالأسئلة والتساؤلات وعلامات التعجب والاستفهام، التي يستجوب كل واحدٍ منها أشهراً من المفاوضات والمماطلات... هذا دأب المفاوض الإسرائيلي من قبل، وهذا ديدنه من بعد، وكلما مُنح فرصة طالب بالمزيد منها.

ليست لدى إسرائيل أجوبة محددة عن السؤالين الفلسطينيين الأساسين، أو بالأحرى لديها أجوبة من النوع الذي لا تحب أن تعلن عنه بكل صلف...الاستيطان سيستمر، وليس في إسرائيل قوة قادرة على منعه أو حتى عن كبح جماحة...وخط الرابع من حزيران، أزيل عن الخرائط الإسرائيلية منذ زمن بعيد بحيث أن المفاوض الإسرائيلي لم يعد يقوى على تذكّر خطوطه وتعرجاته...ولهذا فإن “حبل نجاة” إسرائيل هي المماطلة، ولا شيء غيرها.

من يقرأ صحف إسرائيل وتقارير مراكزها البحثية، يذهل لحجم التغوّل الذي يمارسه “الحريدين القوميون” و”لوبي الاستيطان” و”اليمين المتطرف” من ابتزاز وهيمنة على مؤسسات صنع السياسة والقرار في دولة الاحتلال...هؤلاء هم أصحاب اليد العليا اليوم في إسرائيل، هؤلاء هم الذين يفرضون أجندة العمل العام والسياسة العامة في إسرائيل، هؤلاء هم الذي نجحوا في فرض تصوراتهم على كاديما والليكود، وكان لهم “الفضل” كله، في نفي حزب العمل و”ميريتس” خارج الخريطة السياسة والحزبية الإسرائيلية، أو في أضيق هوامشها على أحسن تقدير.

من ناحية الأردن، لقد فعلت السلطة ما بوسعها لتفادي إحباط المحاولة الأردنية لتدوير الزوايا وتجسير الفجوات...لكن السلطة لن تستطيع دون أن تقامر بأعمق مصالحها، تحت ضغط هذا الاعتبار وحده...الكرة ستكون في ملعب “الوسيط” الأردني، الذي يتعين عليه، إن هو أراد أن يواصل مهمته هذه، أن يقنع الجانب الإسرائيلي أو أن يضغط عليه، لقبول وقف الاستيطان ومرجعية الرابع من حزيران، فهل لدى الدبلوماسية الأردنية، غير النوايا الحسنة، ما يمكن أن تستخدمه من أوراق لإقناع الجانب الإسرائيلي على الجنوح لخيار السلام والوفاء باستحقاقاته؟...إن هذه الأسئلة يجب أن تكون في قلب دائرة الجدل الوطني العام، في الأردن كما في فلسطين، فالمسألة لم تعد من اختصاص “غرف التفاوض المغلقة”، المسألة تتصل بأعمق وأهم المصالح الاستراتيجية والوطنية العليا لكلا الشعبين والبلدين.

لا ينبغي أن يطرأ جديد على مواقف الرئيس محمود عباس من استحقاق 26 يناير الجاري...هذا أمر فوق كل اعتبار...يكفي أن الجانب الفلسطيني منح مبادرة ربع الساعة الأخير، أزيد من شهر لاختبار حظوظها بالفشل أو النجاح...ولا أحسب أن ثمة منطقة وسطى بين هذا وذاك، فالمنطقة الرمادية بين النجاح والفشل، كفيلة بأن تبتلع السلطة والرئاسة والمصالحة، وأن تدفن حتى إشعار آخر، محاولات بناء استراتيجية فلسطينية بديلة، لاستراتيجية اختبرت أزيد من عشرين عاماً، وكان حصادها مريراً، بل ومريراً جداً.
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات