فقر مع أمن ...أم غنى بدون أمن؟؟؟؟
لقد تحدث المحللين والخبراء والخطباء وعامة الناس عن الوضع الاقتصادي في الاردن ، وقالوا أن سبب كل المظاهر الإحتجاجيه في الأردن هو الوضع الإقتصادي المتردي .. وهنا يتشكل في ذهني سؤالين في غاية الاهمية ، إذا إستطعنا الإجابة عليهما بمصداقية فسنبصر الطريق امامنا بكل وضوح .
السؤال الأول هو عن مدى موضوعية الطرح بأن الوضع الاقتصادي متردي لدرجة أن الناس لا تجد الطعام والشراب والدواء ...الخ ، فهل هذا الكلام صحيح ؟؟ وإن كان صحيح ، فما نسبة الشعب الذي يشمله هذا الكلام؟؟ وهل هذه النسبة تتماشى مع النسب في الدول الأخرى؟؟ فلا شك أننا نرى أن في كل دولة هناك نسبة من الشعب تعاني من الفقر المدقع ، وهذا الكلام ينطبق حتى على دول الخليج التي تعتبر الأغنى في العالم ... فما بالنا جعلنا الشعب الأردني كله طبقة مسحوقة لا تجد ما تأكل في حين أننا نعرف أن هناك طبقة من الناس تعاني من التخمه ؟
ويأتي بعدها مجموعة من الطبقات المتفاوتة في الدخل إلى أن نصل إلى درجة الفقر المدقع وهم الذين لا يجدون الخبز فعلياً ، وهم قلة في الأردن ويزجد مثلهم في الكثير من البلدان ، ولا شك أن الدولة عليها واجب دعمهم مثلما يقع هذا الواجب على القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني .
أما السؤال الثاني فهو بخصوص الهدف الذي ينشده الشعب بالضبط .. ماذا نريد؟ هل نريد أن نكون أغنياء فقط؟ وهل المال هو أهم مقومات الحياه؟ وماذا لو توفر المال وإنعدم الأمن ؟؟ عندها ما الفائدة من المال ؟ وكيف سنجد الظروف الملائمة للحياة مع إنعدام الامن؟
إذاً على الناس أن تعي ما الذي تفعله وما الذي تفعله المجموعات الأخرى في الاردن .. إنهم يطالبون بتحسين الظروف المعيشية مبدئياً ، ولكننا نجد أن سقف المطالبات في تزايد إلى أن أصبح البعض يتخيل أن الأمن أصبح في مهب الريح ، وطبعاً لا أحد يتمنى أن تصل الأمور لهذه الدرجة إلا الحاقدين .
لقد تحدث العلماء كثيراً عن أهمية الأمن .. وبالعودة إلى النظرية الشهيرة لابراهام ماسلو فقد وضع الأمن في المرتبة الثانية بعد الحاجات الأساسية مثل الغذاء والاكسجين .. الخ .... أما نحن كمسلمين فيكفينا القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .. . يقول سبحانه وتعالى ": {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنَّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليُمكِّننَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدِّلنَّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً}... ويقول الرسول الأكرم : " من بات امنا ففي سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها " صدق رسول الله ، وإذا تأملنا الحديث الشريف نجد أن الرسول قد وضع الأمن في المرحلة الاولى من التسلسل .. فماذا نريد أكثر من ذلك!
أما الشواهد في البلدان التي حولنا على أهمية الأمن فهي كثيرة ويكفينا في ذلك العراق الشقيق الذي وهبه الله خيرات لا تعد ولا تحصى فماذا جنى الشعب العراقي من ذلك في ظل إنعدام الأمن إلا الدمار والخراب وشبح الحرب الأهليه الذي يطل برأسه القبيح ؟؟؟
ولقد إستخدمت مصطلح الفقر والغنى وهو غير دقيق ولكنني قلت ذلك إفتراضاً .. فالجميع يعلم أن الدولة لو حققت مطالب الناس كلها بكبسة زر لما إنقلب الوضع من فقر إلى غنى بالمعنى الحقيقي .. وإنما ستتحسن ظروف الناس بدرجة معينة ولكنها لن تصل بشتى الأحوال إلى النقيض من الفقر ، لأن البلد أساساً محدود الموارد ، وليس عندنا ذهب أصفر ولا أسود ولا أحمر
، لذلك تنبهوا أيها الأردنيون إلى هذا الأمر الجلل ، وعلى المجموعات التي تقوم بأفعال مخلة بالأمن أن تنتبه إلى بشاعة ما تقوم به.. وكفاهم عنجهية وإستقواء على الدولة ، ودعونا نتمسك بما لدينا من إيجابيات ونحمد الله على ما عندنا من نعم لكي لا ينطبق علينا قوله سبحانه عندما خاطب بني اسرائيل - وطبعا التشبيه للحالهة فقط وليس للناس وحاشا ان أشبه الشعب الاردني المسلم بأحفاد القرده والخنازير- ولكن إنظروا معي كيف أنهم لم يدركوا ما لديهم من نعم وحسبنا في ذلك قوله تعالى : " أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير " صدق الله العظيم .. فما أحوجنا إلى تعظيم الإيجابيات الموجودة في الأردن .. حفظ الله الأردن وشعب الأردن ...
وأخيراً ما الذي نريده .. فقر مع أمن ؟ أم غنى بدون أمن؟؟