عن الخصخصة المفترى عليها!

- ادرك رئيس الوزراء عون الخصاونة بحسه القانوني ثمة حاجة لاعادة تقييم ما قطعه الاردن من مشوار الخصخصة وما قد يكون أصاب بعض عملياتها من اخطاء أو انحرافات قابلة للنقد أو حتى الادانة أو التغيير وقد يكون الرئيس بداية فُهم خطأ فهو لم يعترض على فكرة الخصخصة كنهج اقتصادي حر أخذت به دول العالم المتقدم وطبقته وجنت من ذلك فوائد وانما أراد ان يضع اليد على مواقع الخلل وان يدعو لتصحيحها من خلال الثغرات الحاصلة في التعاقد أو ادارة الصفقات فقد كانت عمليات الخصخصة مغطاة من حيث الشكل بالقانون وأوجدت حقوقاً للمستثمرين الاجانب لا يمكن الانقلاب عليها اذن ليس العيب في الخصخصة كفكرة ونهج ولكن العيب حين تمارس بعيداً عن الشفافية وفي غياب الرقابة الفاعلة التي يعشعش الفساد في غيابها، فالخطأ في الممارسة ليس حجة على الفكرة وسلامتها..
الجديد المرحب به فيما وعدت الحكومة في هذا المجال هو دراسة اتفاقيات الخصخصة التي تمت وتقييمها ومعرفة ان كان هناك ثمة خلل أو غياب شفافية أو تنفُّع أو تسويق لافكار جرى فيها الغبن أو سوء النية..بالانطلاق من أنه لا يجوز منح امتياز لحقوق التعدين في أراضي المملكة الا بقانون وما لم يصدر بقانون لن يكون فيه حق امتياز وانما سيفسر بما لا يخالف التشريعات النافذة..وما أثير من سقوف مفتوحة للتعدين أو أسعار هي رسوم التعدين للخامات فإن ذلك لن يتجاوز الربع الأول من العام القادم 2013 وما ينطبق على الفوسفات في هذه الحالة ينسحب ايضاً على البوتاس اذ أنه في حال توقف البوتاس العربية عن استغلال اي من الاملاح أو المعادن أو المواد الأخرى أو انشاء صناعات جديدة لمدة خمس سنوات متصلة فإن الحقوق الحصرية تسقط وهنا مفصل جديد تنفذ اليه الحكومة بالمراجعة دون أي انقلاب على المستثمرين أو مسٍّ بحقوقهم ولكن تصليح لما يمكن أن يكون قد فهم بالخطأ أو جرى تعويمه لفوائد خارجة على المصلحة الوطنية..
لم يقل أحد بفساد التخاصية وعملياتها اطلاقاً ولكن من حقنا ان نطالب الحكومة بالمراجعة والتقويم والالتفات الى الجوانب القانونية التي يحسن الرئيس ادراكها وكذلك فريقه وفي مقدمتهم وزير الصناعة والتجارة الذي عايش مراحل مختلفة من تطور الاقتصاد الأردني على مدار أكثر من عقدين..حين كان سامي قموه وزيراً للمالية وقد عمل على انجاز ضريبة المبيعات ومررها في وقت كان صعباً وثقافة عامة لا تقبل ذلك..
أحسن الرئيس حين لاقى وفريقه مطالبات مجلس النواب في منتصف الطريق على قاعدة لنذهب الى المراجعة فإن كان ثمة خلل تجري الاشارة اليه والعمل على تصحيحه بالقانون وعبر المحاكم..
لا يجوز اخذ استثمارات الخصخصة الناجحة في الفوسفات والبوتاس والاسمنت وغيرها من شركات تقدم للخزينة من العوائد أكثر بكثير مما كانت تقدمه قبل الخصخصة بجريرة الاشاعات أو محاكمة الافكار والمناهج الاقتصادية فنحن لسنا بلداً اشتراكياً لنسوق فكرة معاداة الخصخصة كفكر اقتصادي اجتماعي وانما نريد لمسيرة الخصخصة التي حدثت وبموافقة برلمانية وحكومية عبر حكومات عديدة أن لا يكون وقع فيها فساد ألحق ضرراً بالمصالح الوطنية وبالمال العام..
لن يتسع مقالي هذا للمرافعة عن جدوى الخصخصة كدواء عالج أمراض الترهل وتراجع الاداء وافلاس وخسارة كثير من الشركات حين لم يكن متوفراً الا العلاج بالخصخصة..فما يكفي ان أضرب مثلاً من الاسمنت الأردنية..ماذا لو بقيت غير مخصخصة في ظل تراجع سوق العقار والبناء ومع وجود خمس مصانع اسمنت تنافس على سوق محلية..هل كانت ستصمد وتفي بالتزاماتها وتحتفظ بالعاملين فيها؟ هذا سؤال ينسحب أيضاً على العديد من الشركات على الذين يؤمنون بالخصخصة كنهج بعيد عن ممارسات الفساد أن لا يترددوا في الدفاع عن الانجازات الأردنية في هذا السياق حتى «لا يأكل الفاجر مال التاجر»..!!

(الراي)