إيصـال الدعـم لمستحقيـه مشكلة وليس حلاً ؟!!!
الفكرة جميلة ولكنها لم تنجح في أية دولة عندما نقلتها إلى أرض الواقع ، ليس هذا فقط بل ساهمت في التضخم الذي يُعد عبئاً ثقيلاً على الدولة والمواطن وهنا في الأردن وعدونا بالدفع قبل الرفع ولكن تم الرفع ولم ينفع الدفع ، إن إضافة عشر أو عشرين دينار إلى دخل المواطن لم يعد مُجدياً ولن يَشعر بها وإنما سيشعر بالإرتفاع في أسعار السلع .
ونعود للحديث عن السلع الإرتكازية والتي يُحذر كافة خبراء الإقتصاد في العالم من الإقتراب منها في الدول النامية أو دول العالم الثالث ، لا أدري إذا بقينا دول عالم ثالث في التصنيف الجديد أم إنتقلنا إلى العالم الرابع والخامس ، هنا في الأردن أسعار مشتقات النفط تعتمد عليها أسعار 92% من السلع الأخرى التي يستخدمها المواطن ، وبذلك فإن تعويض فئات الدخل الدنيا عن ارتفاع أسعار النفط لن يكون كافياً .
لأن كافة السلع التي تستهلكها هذه الفئات سترتفع وبالتالي هناك ما يعرف في الإقتصاد بمضاعف الأثر ، والذي يعني أن كافة الحلقات التي ستمر بها السلعة بدءاً من المصَّنع أو المستورد وحتى المستهلك النهائي مروراً بالموزع وتاجر الجملة والمولات وتاجر المفرق ، كلها ستعمل على رفع السلعة التي تقوم بتوزيعها تحت زعم ارتفاع أسعار المشتقات النفطية ، ما يقودنا إلى ارتفاع كبير في سعر السلعة لأن هذه الحلقات لا تعتمد على أساس في عملية الرفع ، غير تقدير صاحب المصلحة والذي لا يعرف فعلاً كم سيكون انعكاس ارتفاع تنكة الديزل أو البنزين على كلفة توزيع السلعة .
هذا يقود إلى تضخم كبير سببه عدم وجود آلية لحساب أثر الرفع للسلع الإرتكازية وليس للسلعة الأصلية ، وبذلك و كما حدث في عام 2008 بات المستهلكون بكل فئاتهم نهباً لجهل مدى تأثر حلقات التوزيع بإرتفاع أسعار المشتقات النفطية ، ولعدم وجود رقابة على الأسواق بعد إلغاء وزارة التموين باتت العملية في النملية على رأي المصريين وطاسه و ضايعه على رأي الأردنيين !!..
من هنا أقول أنه لن يكون هناك جهاز قادر على إيصال الدعم إلى مستحقيه وتحت هذا الشعار سيُجلد مستحقي الدعم جلد غرائب الإبل ، لأنهم من سيكتوون بنار الأسعار وهذا ليس رجماً بالغيب إنه ما حدث خلال حكومة الكباريتي الذي رفع شعار الدفع قبل الرفع ، وفي عام 2008 عندما تم تحرير أسعار المحروقات ولم تكن رياح الربيع العربي قد هبت بعد ، وقد حاولت حكومة البخيت طرح فكرة البطاقة الذكية وعندما اكتشفت الحكومة أنه سيكون أغبى قرار تتخذه الحكومة سكتت عن الفكرة محتفظه بماء الوجه !!.
على الجهة الأخرى فلم نلمس أن رفع الدعم أو توجيه الدعم لمستحقيه أثّر إيجاباً على عجز الموازنة أو حد من تفاقم المديونية ، ففي عام 2008 تم رفع الدعم ورفع العجز وزيادة المديونية في آن ، فكيف لعاقل أن يوازن بين هذه المتناقضات ؟؟! الحكومة دائماً تقع في المحذور وترحل وتترك المعاناة للأردنيين وللحكومات اللاحقة .
إن استمرار الحكومات في تنفيذ رؤى عقيمة لا طائل تحتها سوى زيادة أعباء الوطن والهروب من الدلف إلى المزراب ، سوف يزيد حدية الحراك فقد بات واضحاً أن لقمة العيش هي ما يطلبه الأردنيين وأن الإصلاحات السياسية وتعيين فلان رئيساً لبلدية أو نائباً أو رئيساً لحكومة هي آخر هموم الأردنيين !!!..
وحتى بوجود الإصلاحات المزعومة فلن نكون قادرين على الوصول إلى حالة سياسية مقبولة أردنياً قبل عقد من الزمن !!.
لقد مارست الحكومة أقصى درجات التعسف في موضوع أسعار المشتقات النفطية فقد تسللت خلال سنتين لتفرض ضريبة وصلت إلى 40% على السلع التي كانت تدعمها ، إضافة إلى معادلة تسعير لا يفهمها إلا الراسخين في العلم وأنشئت الحكومة صناديق تحوط لوضع الزيادة الناجمة عن فرق التسعير فيها لمصلحة المواطن ، ولم يعد لهذه الصناديق طارياً ولا نعرف أين ذهبت محتوياتها ؟؟! حتى الصناديق فارغة ، لم يعيدوها لنا ، كما أن السعر التفضيلي التي حصلت عليه الحكومة وباعتنا بالسعر العالمي محققه أرباحاً كبيرة فأين ذهبت ولأية موازنات أُضيفت ، نعود لنقول لا حول ولا قوة لنا نحن الأردنيون!!.
ولكن لم يعد ممكناً قبول ما حدث بعد أن رأينا ما حدث ، ويحدث حولنا نتيجة نهب الحكومات والحكّام لمُقدرات الشعوب ، فلا تجمعوا علينا الفساد والغلاء والإهمال والإستقواء بالقوانين والأمة تُعاني ما تُعاني !!.