صراع مراكز القوى حقيقة أم افتراء ؟
يحاول المشككون أو المتصيدون في الماء العكر استغلال الظرف وركوب الموجة فراحوا يتفننون في الحديث عن صراع بين مراكز القوى في الدولة الأردنية وعلى وجه الخصوص بين الحكومة والأجهزة الأمنية.
والهدف الذي يجول في بالهم نقل الفوبيا التي يعانون منها إلى ساحة الدولة من خلال تجييش الرأي العام أو القذف بأنفسهم في أحضان المعارضة لغايات ذاتية ومؤقتة لافتعال البلبلة داخل أجهزة الدولة وخلق حالة من الفراغ ستنعكس بشكل سلبي ومباشر على حياة المواطن.
ولعل المراقب للمشهد الأردني لا يلحظ وجود مؤشرات صراع بين مراكز القوى بقدر ما هناك حالة من التوافق النسبي بين الدور الأمني والسياسي في البلد وكل منهما يكمل الأخر فسياسة تفتقد الأمن مصيرها الفشل وامن لا يستخدم الحكمة والدبلوماسية بديله الفراغ والفوضى في الشارع.
فدعونا أولا نقبل جباه كل إفراد المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية على دورهم في حفظ امن الوطن والموطن ووضع راسم السياسات بصورة الحس الأمني محليا وإقليميا لكي يتمكن من يدير دفة السياسة من وضع خياراته بشكل سليم والتعامل مع أي طارئ.
ودعونا نقبل جبين رقيب السير الجحاوشة الذي حاول إطفاء دراجته التي تعرضت للحريق فانفجرت في وجهه ويداه وخسر ضحكته البريئة لصالح الوطن بينما اقسم لو حصل ذلك مع احد أفراد الحراك لأصبح رمز وطني أو بوعزيزي الأردن لكن الدولة تمالكت سياسة ضبط النفس وقطع الجحاوشة الطريق على المارقين عندما قال أنا كنت أقوم بواجبي الوطني .
إما الذراع الأخر وهي الحكومة فهي صاحبة الولاية العامة في المملكة ويجب أن ينطلق تعاملها مع مؤسسات الأمن من قاعدة أن هذه الأجهزة هي احد الركائز الأساسية في البلاد لحماية المملكة وتوفير مناخ الاستقرار للحكومات والمواطنين في أن يكونوا شركاء في صناعة القرار.
وما يبعث على التفاؤل أن جلالة الملك وخلال لقائه رؤوساء الحكومات السابقين قبل أيام كشف النقاب بما لا يدع مجالا للشك ارتياحه لرئيس الحكومة ومدير المخابرات العامة في التنسيق والتعاون والسير في منظومة الإصلاح الشامل في البلاد .
وهنا أقول على سبيل المثال إن جهازي (سي أي ايه ) في أمريكا و(الكي جي بي) في روسيا يعملان كخلية نحل مع الذراع السياسي دون أن يكون هناك خلل في الحقوق والواجبات المناطة بهما مادام أن العمل المؤسسي يعلو ويسمو على الرغبة الشخصية .
إن خلاف بعض مراكز القوى سابقا في المملكة لا يعني بأي حال من الأحوال صراع بين المؤسسات بقدر ما هو خلاف مصالح بين الأشخاص الذين غيبوا مصلحة الوطن واختزلوها مقابل تمرير مشاريعهم الهدامة وتعاونهم مع اللوبي الأمريكي والصهيوني وها نحن نقطف ثمار تلك الحقبة السوداء في هذه الأيام بينما هم من يتنعمون ألان بخيرات الوطن المسلوبة.