حديث عن المجلسين الوطني والتشريعي

تم نشره الخميس 12 كانون الثّاني / يناير 2012 01:47 صباحاً
حديث عن المجلسين الوطني والتشريعي
عريب الرنتاوي

- في الجدل الدائر حول إعادة هيكلة منظمة التحرير وتفعيلها، يدور نقاش جاد حول فرص انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني، ليحل محل مجلس معين، مضى على تشكيله سنوات طوال...وعلى هامش هذا الجدل، يتفرع جدل جدل آخر، حول العلاقة ما بين المجلسين الوطني والتشريعي، وما إذا كان يتعين على الثاني أن يكون جزءا من الأول، أم أنه من الأفضل الاحتفاظ بهما، كيانين منفصلين ومتجاورين، وسيكون كل هذا وذاك، موضع بحث اللجان التي ستلتئم في عمان خلال أيام لهذا الغرض.

انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني ضرورة ملحة...لا مكان للتعيين إلا من باب “آخر العلاج، الكي بالنار”....وبخاصة في مناخات ربيع العرب، وفي أجواء المصالحة الوطنية الفلسطينية، حيث ستتوافر الفرصة لأول مرة منذ انشاء منظمة التحرير قبل ما يقرب من النصف قرن، لأن تكون إطاراً شاملاً لكل الحركات والفصائل والقوى والشخصيات الوطنية والإسلامية، ومن شتى المشارب والميول.

نفهم أن إجراء الانتخابات في الأردن، سيبدو أمراً متعذراً حتى إشعار آخر، ذلك أنها ستستعجل الإجابة على سؤال من هو الفلسطيني...ونعرف أن إجراءها في سوريا قد يبدو أمراً متعذراً تكتيكياً، لدوافع وأسباب أمنية، ما لم يُستبدل حال سوريا بأفضل حال...لكننا لا نفهم أن لا تجرى الانتخابات في عشرات الدول، حيث الجاليات الفلسطينية منتشرة في قارات العالم الخمس.

في المعلومات، أن فتح وحماس، ومن خلفهما مختلف الفصائل، تتحدث عن انتخاب المجلس الوطني، وهذا أمرٌ مشجع، ولقد سمعت من الرئيس محمود عباس والإخوة قادة حماس، أحاديث تذهب في ذات الاتجاه...لكنني مع ذلك، أخشى أن تكون بعض العراقيل العملية أو اللوجسيتة، سبباً كافياّ للجوء إلى أسهل الحلول: التسويات والصفقات...مثل هذا الأمر، سيقضي على آمال ألوف الشباب والشخصيات المتعلقة بمنظمة التحرير والتي لا تجد نفسها في أي من فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني...هؤلاء يجب أن يكون لهم صوت، وأن يكون لهم حضور وتمثيل في مختلف أطر المنظمة ومستوياتها القيادية...هؤلاء يجب أن يكونوا الورثة الشرعيين لجيل الآباء والأجداد المؤسس للحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة....هؤلاء أخذوا يعبرون عن مواقفهم في عدد من دول المنافي والشتات في اجتماعات تعقد مؤخراً لهذا الغرض، ويجب أن يؤخذ هذا الصوت بكل الاحترام الذي يستحق.

في الساحات حيث يتعذر الانتخاب، فإن التوافق ينبغي أن يكون سيد الموقف، على أنه توافق الأعضاء المنتخبين للمجلس الوطني، وليس توافق الفصائل وقادتها فحسب...للفصائل حصص وكوتات تنسجم مع حجمها ووزنها كما تكشّف في نتائج الانتخابات التي يمكن إجراؤها...وللمستقلين والفعاليات والشخصيات دورها وحضورها وتمثيلها الذي لا يجب أن يغيب بحال من الأحوال.

وبالانتقال إلى الصلة بين المجلسين، الوطني والتشريعي، فإن الأخير يجب أن يكون جزءا من الأول، تكريسا لوحدة الشعب والقضية والبرنامج، برنامج العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس....وأي فصل بين المجلسين، بأية حجة أو ذريعة، من شأنها أن تكرس حالة الشتات والتباعد بين التجمعات الفلسطينية المختلفة، وأن توجد مستويين من المواطنة الفلسطينية، وأن تساعد، وهذا هو الأخطر، على حصر القضية الفلسطينية بقضية الأرض المحتلة، فيما هي قضية الشعب اللاجئ، من قبل ومن بعد.

يقول البعض إن درجة اهتمام الشعب اللاجئ في العمل الفلسطيني لا تماثل درجة توحد الشعب “الرازح تحت نير الاحتلال” مع مندرجات هذه القضية...هذا لا يعطي أحداً ميزة على الآخر، لقد ذاق الشعب اللاجئ المرارات والعذابات المتنقلة من ساحة إلى أخرى ومن مواجهة إلى أخرى، ثم أن جوهر النكبة الفلسطينية هي التشرد واللجوء، وجوهر البرنامج الوطني الفلسطيني يكمن في عودة الشعب اللاجئ إلى وطنه.

وقد يقول البعض، إنها سلطة مؤقتة وقد تنتهي إلى الحل والانهيار...هذا لا يغير في الأمر شيئاَ، فالمجلس الوطني على الدوام، كان يضم ممثلين عن الداخل (رقم ونسبة مئوية)، وسيبقى الأعضاء المنتخبون للمجلس التشريعي أعضاء في المجلس الوطني، سواء بقيت السلطة أم اندثرت.

نميل غالبا لـ “الشك” بخلفيات المقترحات المطالبة بفصل المجلسين، لا نأخذها على حسن النية، مع أن بعضها قد يصدر عن حسن نية فعلاً...ذلك أن ثمة اتجاها في الساحة الفلسطينية، يريد أن يختصر الشعب الفلسطيني بالشعب المقيم في الضفة وغزة والقدس، ويريد أن يختزل القضية الفلسطينية بقضية الدولة، مع أنها قضية تقرير مصير للمقيمين في الداخل والخارج على حد سواء، وهي قضية عودة للاجئين في الداخل والخارج على حد سواء، وهي قضية المساواة والمواطنة المتساوية والحقوق القومية للأقلية العربية خلف الخط الأخضر.

نثق بأن الجسم الرئيس من فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني مع هذا التوجه...نثق بأن ثمة غالبية في فتح وحماس، السلطة والمنظمة، تأخذ بوجهة النظر هذه، ونثق بأننا لا نأتي بجديد، إذ نعيد انتاج ما درجنا عليه طوال نصف قرن، ولكننا نحذر من بعض الأصوات و”الرياح” التي تهب بين الحين والآخر، ولا نريد أن تأخذنا على حين غرة، إلى حيث لا نشتهي ولا نريد، بوعي أو من دونه.(الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات