الطبقات الوسطى المناضلة

تم نشره الأحد 15 كانون الثّاني / يناير 2012 04:33 مساءً
الطبقات الوسطى المناضلة
لموند

2011، عام التصدّعات والصدمات. أغلقت الثورات في العالم العربي-الإسلامي ومقتل بن لادن الدورة التي فُتِحَت بعد هجمات 11 أيلول 2001. وألحق التسونامي في 11 آذار وكارثة فوكوشيما خراباً كبيراً باليابان، فدمّر نموذجها في مجالَي الصناعة والطاقة، وحال دون إعادة إطلاق الصناعة النووية.
تفاقمت أزمة الأورو إلى درجة أنها هدّدت العالم بركود كبير. تضاعفت التظاهرات والإضرابات في الصين وفي عدد من البلدان الناشئة، وعلى رأسها أندونيسيا، للمطالبة بتقاسم ثمار التنمية بطريقة تكون أكثر مؤاتاة للعمل، ونمو أكثر احتراماً للحريات الفردية والبيئة.
أخيراً، وخلافاً لكل التوقّعات، بدأ المجتمع المدني الروسي مقاومة النظام الأوتوقراطي لفلاديمير بوتين.
على النقيض من خريف الشعوب عام 1989 الذي كان موجّهاً بكامله نحو استعادة الحرية التي حُجِبَت عن الناس مع إعادة إرساء السيادة الوطنية والديموقراطية واقتصاد السوق، هناك أسباب متعدّدة خلف انتفاضات 2011.
ففي البلدان المتقدّمة، يؤجّج ارتفاع البطالة وهبوط المداخيل والمقتنيات والخوف من المستقبل، شعور الأشخاص بتدهور أوضاعهم، مما ألهم المناضلين في "حزب الشاي" أو حركة "احتلوا وول ستريت"، وأطلق حركة "الغاضبون" في أوروبا وإسرائيل.
وفي استمرارية للثورة الإيرانية عام 2009، انتفض الشباب في العالم العربي-الإسلامي لاستعادة كرامتهم في وجه ديكتاتوريات أخلّت بواجبات الحكم، لكنهم لم يلتحقوا بالديموقراطية الغربية كما تُظهِر الانتخابات التونسية والمصرية أو النهاية غير الواضحة المعالم للحرب الأهلية الليبية.
والاضطرابات العنيفة التي تهزّ الصين بانتظام تمزج بين مطالب تحسين الأجور والاحتجاج على قسوة ظروف العمل من جهة والاعتراض على فساد السلطات من جهة أخرى.
أما في روسيا، فقد تحرّكت المدن الكبرى ضد ازدراء الشعب والتزوير الانتخابي والتواطؤ مع الأوليغارشيين التي مأسسها فلاديمير بوتين.
القاسم المشترك بين هذه الثورات هو الطبقة الوسطى التي تشكّل رأس الحربة فيها.
هذه الطبقة الشابة والمدينية والمثقّفة والمنفتحة على العالم تشكّل مفتاح التنمية. وهي تضيق ذرعاً أكثر فأكثر بأشكال الإذلال وعدم المساوة والإجحاف التي تمارسها الأنظمة السلطوية والفاسدة.
وقد أسقطت شبه الإجماع الذي تمّ التوصّل إليه في بيجينغ والذي أطلق يد الأنظمة السلطوية في قيادة التنمية. الإنترنت والشبكات الاجتماعية من مصر إلى روسيا مروراً بإيران هي رمز تحرّر هذه الطبقة وأداة تعبئتها.
وهي لم تعد تشعر بأنها ملزمة بالعقد السياسي الذي يدّعي الربط بين الديكتاتورية والاستقرار والتنمية، ولا بقيم غرب تعتبره منحطاً.
لا تقود هذه التحرّكات راهناً إلى تشكّل طبقة وسطى كونية تقوم حولها مؤسّسات وقواعد مشتركة، بل إلى تأجيج المشاعر القومية والحمائية والتي تنم عن كره للأجانب، أو إلى إعادة تأكيد الهويات الدينية وخير شاهد على ذلك سيطرة التشدّد الإسلامي على الثورات في العالم العربي-الإسلامي.
ومع ذلك، الطبقات الوسطى هي التي ستحدّد مصير العولمة.
فإذا ساد منطق الثأر في الجنوب ومنطق الخوف في الشمال، سوف تنفجر العولمة من الداخل، كما حصل عام 1914 تحت تأثير الضغوط من القوميات الأوروبية المتنافسة.
أما إذا تقدّمت دولة القانون وإرساء نظم مستدامة للحماية الاجتماعية في الجنوب، وإذا لم يهجر روح الإصلاح والإيمان بالحرية الديموقراطيات، يمكن أن يولد التقاءٌ من شأنه أن يؤمّن المرتكز السياسي الذي تفتقر إليه الآن الإدارة المتضافرة للمخاطر النظمية في القرن الحادي والعشرين.( نسرين ناضر - لموند)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات