سورية.. ما هو الأسوأ؟

- لن يتوقف القتل في سورية..وستظل الرواية مختلطة وسيظل النظام يجد لنفسه مبرراً لمزيد من سفك الدماء باسم مقاومة التخريب والارهاب وستظل معارضة الداخل تفتقد الى قيادات فاعلة ومعارضة الخارج تكتفي بالاعلام والتصريحات وانتظار الفرج من الآخرين..
سورية ليست ليبيا هذه حقيقة وان كان الظلم واحداً ودكتاتورية النظام قد بلغت حد مصادرة كل رأي..
خطاب الأسد الأخير يحاول الظهور وكأن سورية امتلكت زمام المبادرة للرد على المعارضة..
فشل الحل العربي عبر الجامعة العربية سواء في التوجه السياسي أو في الخطط التي وضعت في مبادرة البروتوكول أو في مجموعات المراقبين التي لم تسمن ولم تغنِ من حاجة لمزيد من معرفة ما الذي يجري، فهذه المجموعات قليلة أولاً وليست مزودة بأدوات ووسائل كافية أو امداد لوجستي يمكنها من التنقل بسرعة أو يتيح لها الاتصال بالمواقع التي ترغب الاتصال بها كما أن قدرة النظام على اخفاء الكثير من الوقائع وصلت الى درجة الاحتراف حين غيّر أسماء الاحياء والمواقع والشوارع وألوان السيارات وحتى ملابس رجاله الذين يقومون بالمداهمة والقتل وقد عمل على خلط حابل مهمة الجامعة العربية بنابل تدخلاته في تحديد عملها ومساراتها فتحولت هذه المجموعات الى وسيلة معوقة ولم يجرؤ أحد من أعضائها أن يقول بصراحة ما رأى وما استنتج..
الجامعة التي شرعت بارسال مجموعاتها للمراقبة كانت تريد أن تتخلص من الشعور بالاثم ازاء ما يعيشه الشعب السوري من قتل ومحاصرة وتعذيب واغلاق مدنه واحيائه وحتى قطع الماء والكهرباء والوقود والخبز عنه ومنع وصول المساعدات والأدوية اليه..
ولكن هذا الشعور بالتخلص من الاثم لم يمتد كثيراً فقد فشلت المهمة وانقلب السحر على الساحر وأصبحت الجامعة العربية في حال دفاع عن نفسها بدل أن تبادر وتدين وتكون حكماً وقاضياً ولذا بدأت تجمع أوراقها امام فراغ متزايد يزرعه النظام بمزيد من تشديد القبضة الحديدية والرغبة في الحسم سريعاً وهو يعمل على محورين استمرار سياسة الضرب بقوة واطلاق محاولات من جانب حلفائه في ايران وحزب الله ولبنان وحتى الجزائر وأماكن أخرى لم تعلن عن نفسها أو تعمل بوجهين لاستقطاب المعارضة المعتدلة أو التي ما زالت تفتح خطوطاً مع النظام للدخول في مفاوضات أو اتصالات تستهدف قطع خطوط الخارج أو الايقاع بالمعارضة الخارجية واتهامها باستجلاب التدخل الاجنبي أو الدفع باتجاه الحرب الاهلية الداخلية أمام هذا الواقع المعقد والصعب والذي يدفع السوريون ثمنه باهظاً.. يأتي اعلان أمير دولة قطر الشيخ حمد عن افلاس برنامج الحل العربي القادم من الجامعة عن طريق ارسال مراقبين ويوسع الفكرة ليطالب بتدخل قوات عربية وهي فكرة مارستها الجامعة في حل الطائف وفي السماح بدخول قوات سورية الى لبنان بمظلة عربية وفي نفس الوقت يطلب أمير قطر من وزير الخارجية الاميركية في اللقاء معها ومن ادارتها التدخل الدولي بحسم الأمر..
ما زالت اللهجة الاميركية فاترة وما زالت تحتسب تطورات عدة منها الخشية من تدخل أميركي جديد قد لا يكون محسوباً بعد ما حدث في العراق ما قد يكون فشلاً أميركياً في نتائجه حتى اليوم ثم الاستماع لوجهة النظر الاسرائيلية ما اذا كان التدخل الخارجي في سورية سيفيد المصالح الاسرائيلية أم يضر بها وما اذا كانت القوى الجديدة القادمة لحكم سوريا بعد الاسد ستراعي المصالح الاميركية والاسرائيلية أم لا ..
التدخل الخارجي يغير دوافع الثورة السورية وبرامجها ويأذن بشراكة دولية قد تتفق مع المعارضة في اسقاط الاسد ولكنها تختلف معها في النتائج وما ستؤول اليه الاوضاع..
لن يكون التدخل الخارجي العسكري في سورية والذي قد يأخذ أشكالاً مختلفة ومن مصادر مختلفة مرحباً به من غالبية الشعب السوري وحتى من قطاعات واسعة من معارضة الداخل وبعض معارضة الخارج وهذه معضلة جديدة يستفيد منها النظام ويوظفها ولذا فإن ليل السوريين سيطول وفجرهم سيتأخر وستكون الفرصة متاحة لمزيد من القتل والمعاناة التي قد تمتد لسنوات. (الراي)