كلام مع رئيس دولة سابق

تم نشره الثلاثاء 24 كانون الثّاني / يناير 2012 01:49 صباحاً
كلام مع رئيس دولة سابق
ماهر ابو طير

 - عدنا من واشنطن الى عمان، ورحلة العودة مليئة بالقصص.

على متن الطائرة الامريكية من واشنطن الى لندن، والثلج يتساقط على الطائرة قبيل تحليقها، يجلس الى جانبي امريكي من جذور ايرانية، وجه اسمر، وكأنه عربي، فيأخذك الحديث معه طوال الرحلة.

يروي كيف كان والده من المقربين من شاه ايران، وكيف انه عمل مع الشاه، قبيل الانقلاب في ايران، وكيف اضطر الى ان يفر الى تركيا على الاقدام على مدى ايام، خوفا من انتقام الحكم الجديد، حيث درجت العادة في العالم الاسلامي والعربي، ان ينتقم كل جديد، من كل قديم، في الصراع على السلطة.

تدمع عيناه وهو يروي ذكرياته في ايران، وكيف يحن الى بلاده، ويتمنى لو يزورها، وفي رحلته من تركيا الى الولايات المتحدة، لم يكن في جيبه الا ثلاثمائة دولار، وجواز سفر مؤقت حصل عليه من سفارة دولة عربية في اسطنبول، حتى يصل الى الولايات المتحدة ويطلب اللجوء السياسي، سرح بنظره الى البعيد وقال: انظر عبر الطائرة، هذا مطار دالاس واعرف ابناء جنرالات من عهد الشاه يعملون كسائقي تكسيات في هذا المطار.

ثري هو اليوم، ويعمل في تجارة الذهب، لكنه يختنق حين يتذكر بلاده، ويسألني عن سر عقيدة الانتقام في كل منطقتنا، ولماذا يتشرد عشرات الاف الايرانيين في العالم، لكونهم محسوبين على الشاة، او لا يؤيدون الحكم الحالي في طهران. لا اجيبه، لان حكايته تشابه الاف الحكايات في كل مكان، فقد اعتدنا في عالمنا على شرب دم بعضنا البعض، وطي عقيدة الصفح والتسامح، فلكل زمن دولة ورجال، وكلما جاءت امة لعنت اختها.

نصل الى لندن واترك رفيق السفر الايراني لهمومه، لنذهب الى طائرة بريطانية تأخذنا من لندن الى عمان، واذ نجول في الطائرة، لطول الرحلة، ارى الرئيس الباكستاني السابق، برويز مشرف، يجلس في المقعد الاول من الدرجة الاولى، فأصافحه ليقول ان العالم الاسلامي يذهب بمجمله الى الخراب والتفتيت والدمار، مختتما كلامه ان هذا يحدث لسوء الحظ في اغلب الدول العربية والاسلامية.

الرئيس مشرف، يرافقه اثنان، وهو قد خرج من السلطة بشكل شبه قهري، ان لم يكن عزلا بطريقة غير مباشرة، فتنظر الى حاله واحواله، دون حرس ومرافقات، دون طائرة خاصة، ودون زعامة، فتتذكر قصة الشاه ومن كانوا معه، لان مشرف ايضا لا يستطيع العودة الى باكستان، حتى وان اعلن ذلك، خصومه بالانتظار، والمفاجآت الخطرة تطل برأسها لو عاد، والاتهامات ضده لا تعد ولا تحصى.

ايا كانت اخطاء الزعامات الدكتاتورية، في العالم العربي والاسلامي، الا انها لا تجعل احدا اخر يتعلم، من سابقيه، والانقلابات والعزل وخسارة السلطة، لا تودي بالرجل الاول فقط، كما في قصة الشاه ومشرف، بل تأخذ في طريقها كل البطانات السياسية والاقتصادية والاعلامية، لان العالم العربي والاسلامي لا يدار على اساس مؤسسات، بل على اساس حكام ومجموعات محسوبة على الحكام، فتطيح مع هؤلاء عند اول سقوط.

ما اصعب مشاعر المعزولين، وذاك الخوف الذي يسكن عيونهم، على ارتفاع عشرة الاف متر فوق البحر، وفي السماء، فتتذكر ان المحسود هو من كان بعيدا عن السلطة وهمومها واوزارها وصراعاتها ايضاً.(الدستور )
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات