احترام عقول القراء

- اعتقد انه من الحد الأدنى لواجبات الكتاب والخطباء والوعاظ والرواة والمحدثين والفنانين والصحافيين احترام عقول القراء والسامعين والمشاهدين, واعتقد أننا بحاجة الى مبادرة تقوم بها بعض الجهات المتخصصة والمعنية بهذا الشأن لوضع ميثاق للكتابة الصحفية والفنية, ويكون المبدأ المهم فيها احترام عقول القراء ..
لقد دفعني التفكير بهذه المبادرة إصرار بعض الزملاء الكتاب الى أن اليهود هم الذين يقودون ثورة الربيع العربي, ومحاولة البحث عن أي معلومة وأي فكرة في الكرة الأرضية لتسويغ هذه المقولة .. وأود أن اسأل بكل جدية:
هل هناك قناعة حقيقية لدى أصحاب هذه المقولة بها, بحيث يكون هذا الإصرار على تكرارها بالعنوان نفسه أو بعناوين مشابهة تؤكد نفس المعنى عشرات المرات بدون ملل?
وهل يمثل ذلك مدحاً لليهود عامة, ولهذا اليهودي العبقري خاصة الذي كتب كتاباً فألهم جماهير العرب على الثورة على الأنظمة الديكتاتورية المستبدة الفاسدة? ولا ادري هل قرأ الثوار العرب هذا الكتاب, ولا أدري هل سمعوا بهذا الاسم?
ولا ادري هل الكتاب الزملاء على قناعة بأن الأنظمة العربية البائدة كانت تمثل خطراً على الكيان الصهيوني واليهود, وهل الكتاب الزملاء على قناعة بان يهود العالم كانوا في غاية القلق والتوتر وعدم القدرة على النوم, في ظل استمرار حكم زين العابدين, وحسني مبارك والقذافي وغيرهم, وهل أصبح اليهود اشد قلقاً, وشعوراً بالخطر عندما تم توريث الحكم في هذه البلدان, وأصبح التوريث هما دائماً لا يفارق زعماء العرب ليلاً أو نهاراً.
هل كان هؤلاء الزعماء يمثلون خطراً على أمريكا والمشروع الأمريكي في المنطقة, وهل وقف هؤلاء الزعماء ضد الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان? الم يشاركوا جميعاً إلاّ قلّة قليلة في تحالف حفر الباطن, وما يعرف بالتحالف الثلاثيني لتدمير العراق وجيش العراق? الم يشتركوا جميعاً بلا استثناء في تحالف بوش على تدمير العالم الإسلامي تحت ستار التحالف العالمي لمقاومة الإرهاب?
هل الشعوب العربية التي بقيت وحيدة قابعة تحت التسلط والاستبداد والفساد من دون شعوب العالم كانت بحاجة الى هذا اليهودي الملهم ليوقظها ويقود ثورتها على الظلم لتحرر إرادتها وتستعيد كرامتها وحريتها?
هل يمكن أن تصل درجة العمى الى ذلك الحد الذي جعل بعض الكتاب يوقف عقله وقلمه وضميره للدفاع عن سدنة الاستبداد والقمع وعن صانعي الهزائم والنكسات والذين سرقوا أموال الشعوب وبدّدوا مقدراتها وحطموا آمال شعوبها وسرقوا مستقبل أجيالها, وجعلوا الأوطان قاعاً صفصفا.(العرب اليوم )