من صراع الحضارات إلى صراع الأفكار

- بعد مقولة صراع الحضارات ونهاية التاريخ ، يعود المفكرون إلى مقولة أخرى في مسار التاريخ البشري وهي صراع الأفكار.
يجتاز العالم اليوم أزمة ، ليست اقتصادية ومالية فقط بل نظرية وفكرية أيضاً تحاول أن تقرأ عملية التطور وتدفعها إلى الأمام.
الأزمة العالمية ليست بنت الإيديولوجيات بل نتيجة مباشرة للسياسات ، أي أنها من صنع الإنسان في ظل انفتاح اقتصادي وصل أحياناً إلى درجة الانفلات.
شهد القرن الماضي إيديولوجيات عديدة كانت تصعد ثم تسقط: الشيوعية ، الفاشية ، النازية ، الليبرالية ، فهل جاء دور الرأسمالية والديمقراطية؟.
الازمة الراهنة هزت ثقة الذين اعتقدوا بأن الديمقراطية الليبرالية هي نهاية التاريخ ، ظناً منهم أنها الحالة المثالية التي توصلت إليها البشرية ولن تغادرها ، فليس بالإمكان أبدع مما كان.
المشكلة الآن في التوفيق بين الديمقراطية والرأسمالية ، وهي مشكلة لم تجد البشرية لها حلاً ناجعاً حتى الآن ، لأن من شأن الرأسمالية القضاء على المساواة وخلق فروقات شاسعة بين الأغنياء والفقراء تجعل التطبيق الديمقراطي شكلاً بدون مضمون.
يقول فوكوياما الآن أن جمود الأجور واتساع حالة عدم المساواة سوف يهدد استقرار الديمقراطيات الليبرالية المعاصرة ، وقد يؤدي إلى إسقاط الإيديولوجية الديمقراطية كما نفهمها الآن ، والمطلوب حالياً هو إيديولوجية شعبية جديدة توفر المناخ الملائم لقيام مجتمع صحي من الطبقة الوسطى وأنظمة ديمقراطية قوية.
العالم اليـوم يدرك أبعاد الأزمة الاقتصادية والفكرية والاجتماعية الراهنة ، ولكنه لا يملك الحلول الناجعة لوضع الأمور في نصابها ، والوصول إلى حالة يمكن أن يدّعي البعض أنها تمثل نهاية التاريخ.
العالم يتغير بسرعة ، كما يقول افينري ، ففي عام 1930 كان المحللون يعتقدون أن مستقبل أوروبا هو الشيوعية منطلقة من روسيا ، أو الفاشية منطلقة من ألمانيا وإيطاليا ، فهذه هي القوى الصاعدة في حينه ، ولم يخطر ببال أحد أن أوروبا ستكون ديمقراطية بالكامل خلال فترة قصيرة ، وأن الإيديولوجيات التي كانت صاعدة سوف تندثر وتصبح في خبر كان.
لو عرفنا ما سيحدث في المستقبل لقلنا به الآن ، فما يعرفه الجميع الآن هو أن العالم مأزوم ، وأن الحلول مطلوبة وليست موجودة.
علينا نحن أن نكون ونظل جزءاً من العالم. وإذا لم نستطع الإسهام في قيادة تطور الإنسانية فلا أقل من أن لا نتخلف عن الركب العالمي. (الراي)